18 ديسمبر، 2024 5:41 م

نحن لا بارك الله فينا ونموذج كيوبك المفقود

نحن لا بارك الله فينا ونموذج كيوبك المفقود

في الحياة هنالك وجهات نظر متعددة متباينة وتلك طبيعة الامور .هنالك من ينظر الى الامور بتقدمية وتمدن وتحضر وعصرنة فينظر الى نفسة انة انسان حر وبالتالي انسان مسؤول بمقتضى وجودة وهو من يتحكم في شهواتة وميولة ويقيم المشروعات لنفسة وحياتة تتجسد في اعمالة هذا جوهرة ومسؤوليتة التي تدفعة الى مسؤوليتة الاجتماعية عبر اختيار افضل الاشياء لنفسة ومجتمعة هذا وجودة وجوهرة كما عبر عن ذالك جان بول سارتر .وهنالك من ينظر الى الامور برجعية مفرطة وتعصب مكوناتي فلا رأي لة بل هو تابع الى رجل الدين خاضع الى التراتبية القبلية منغلق حول طائفتة وعرقة وقوميتة العرقية خاضع الى رموزة وزعمائة التقليدين ولو كانوا لا يمتلكون مكونات القيادة او الزعامة او التحضر فعوامل الطاعة هي التعصب و التزمت و الانغلاق و التقيد بتقاليد ولو ثبت انها تقاليد بالية رجعية منغلقة متزمتة لم تعد تصلح لهذا العصر لأن هذة المبادئ او التقاليد هي بنت زمانها ومكانها الذي نشأت فية فأن كانت تصلح لعصرها رغم سوءها الانها اليوم تمثل خزي انساني بمعنى الكلمة .. ومن هنا فأن خيارات التعصب و الخنوع و الانغلاق تسبب في المجتمعات المتخلفة الانغلاق حول المكون وخياراتة السياسية تكون بدافع التعصب و الانغلاق ومجتمعنا العراقي ليس ببعيد عن هذة المجتمعات المنغلقة يقول الدكتور علي الوردي في نهاية كتابة دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ( ان الشعب العراقي منشق على نفسة وفية من الصراع القبلي و القومي والطائفي اكثر من اي شعب اخر باستثناء لبنان ولاطريقة لعلاج هذا الانشقاق سوى تطبيق النظام الديمقراطي حيث تشارك كل فئة بالحكم حسب نسبتها العددية ينبغي لاهل العراق ان يعتبروا بتجاربهم فهل من يسمع )كتبها الوردي في خمسينيات القرن الماضي.لعل عالم السياسة السير ارثر لويس توصل الى نتيجة بعد دراستة الى العديد من البلدان وميز بين بلدان العالم النامي و المتقدم حيث المجتمعات الغير متطورة منقسمة على اساس الاختلافات القبلية و الدينية و اللغوية والثقافية والعرقية بينما المجتمعات المتقدمة مثل فرنسا وبرطانيا يغلب عليها الصراع الطبقي ومايصلح الى الصراع الطبقي هو غير مايصلح لمجتمعات الصراع المكوناتي فقد انهارت بعض النماذج .لعل هذه الفرضية ذكرها ارينت ليبهارت في كتابة القيم الديمقراطية التوافقية في مجتمع متعدد. تعتبر هذة الصيغة من الحكم اي الديموقراطية التوافقية في المجتمع المتعدد هي الصيغة الواقعية للحكم في الحالة العراقية وهي في النهاية تفترض توازن واقعي يؤدي الى شراكة جميع المكونات في السلطة و النفوذ و القرارات المصيرية ولقد حفل الدستور العراقي بالعديد من المواد التي تنص على التوافقية صراحة او دلالة حيث المادة 9 من الدستور تتكون القوات المسلحة والاجهزة الامنية من مكونات الشعب العراقي بما يراعي توازنها وتماثلها وكذالك المادة 1 من الدستور العراق دولة اتحادية ونضام الحكم فيها نيابي برلماني و الدستور ضامن لوحدة العراق كذالك المادة 2 الفقرة ثانيىآ من الدستور عبر النص على حقوق الاقليات الدينية مثل الايزيديين و الصابئة و المسيحيين والمادة 3 المتعلقة بهوية الدولة كبلد متعدد القوميات و الاديان و المذاهب و المادة 4المتعلقة اللغتان الرسميتيين العربية و الكوردية وسائر اللغات مثل التركمانية و السريانية و الارمينية .ولعل ذالك يبدوا اكثر وضوحآ في المواد المتعلقة بتعديل الدستور المادة 126 رابعآ عدم جواز تعديل النصوص الدستورية من شأنة ان ينقص من صلاحيات الاقليم التي لاتكون داخلة ضمن السلطات الحصرية للسلطات الاتحادية الا بموافقة برلمان الاقليم واغلبية سكان الاقليم بأستفتاء .مع انة اي تعديل يتعلق في الحقوق و الحريات المنصوص عليها في الباب الثاني تتطلب موافقة ثلثي اعضاء المجلس وموافقة الشعب بالاستفتاء ومصادقة رئيس الجمهورية في 7 ايام وحسنآ فعل المشرع الدستوري في ذالك .في ظل المعطيات العراقية الراهنة تغدوا صيغة الديمقراطية التوافقية الصيغة الممكنة الوحيدة المقبولة للتعايش في ظل المعطيات التاريخية .ففي ظل الوقائع التاريخية لاتغني شعارات الوحدة او شعارات الاخوة الرنانة وهي على الارض في التطبيق العملي فارغة المحتوى وجودها و العدم سواء .نحن ورثة تاريخ يقول اذا بويع الى خليفتين فأقتلوا احدهما واسمع للأمير حتى لوضرب ظهرك واخذ مالك يقول سيد القمني في كتابة انتكاسة المسلمين الى الوثنية . كانت فتنة التفرق القبلي دافعآ للعمل بنظام دكتاتوري صارم انتج في بدايات الدولة الاسلامية بقيادة قريش وعلى رئسها الهاشميين رغم شعارات المرحلة التي رفعت لكن الواقع انتج سلطة قبلية برداء ديني وبقوة السيف في ظل هكذا تاريخ قبلي ديني وثقافة يغدوا خوف المكونات من استفراد المكون الاخر بها امرآ قابلا للفهم . النظم التوافقية في بعض دول العالم المتقدم جاءت تطبيقاتها بنتائج عظيمة مثلا تعد كندا اليوم واحدة من اهم دول العالم حريتآ ودمقراطية واحترام حقوق الانسان و التحضر و التمدن هذة الدولة اخذت بالديموقراطية التوافقية في نظامها ودستورها حيث هنالك ثقافتان رئيسيتان في البلاد الاولى هي ثقافة البروتستانت الناطقيين بالانكليزية وكذا ثقافة الكاثوليك الناطقين في اللغة الفرنسية اننا امام ثقافتين مختلفتين في المذهب الديني و اللغة و اخذ الدستور تلكم الحساسية وعالجها بعقلية ديموقراطية وعقلية حقوق الانسان حتى انك تجد المحكمة العليا في كندا ففي قانون المحكمة الكندية العليا نص على ان يكون 3من اصل 9 من اعضاء المحكمة يعينون بترشيح من المحاكم العليا او من نقابة المحاميين في مقاطعة كويبك ونتيجة التطورالسياسي ظهرت لديهم احزاب لبرالية قوية واي لبرالي حقيقي لايشتري ثقافة الانغلاق و التعصب بسنت واحد .هذة الاحزاب حرصت على تمثيل المكونين البروتستاني الانكليزي و الكاثوليكي الفرنسي في بنية السلطة وفي قيادة الحزب يقول ارينت ليبهارت (اعتمدت المداورة بين الناطقين بالانجليزية البروتستانت و الناطقين بالفرنسية الكاثوليك في زعامة الحزب اللبرالي وفي رئاسة الوزراء في الحكومات اللبرالية وفي منصب الحاكم العام وفي رئاسة مجلس العموم وفي منصب القاضي الاول في المحكمة العليا )صفحة 195 الديموقراطية التوافقية في مجتمع متعدد..اما عندنا فعلى العكس وجدت زعامات باسم المكون طغت على المكون فكان اول واكثر ضحاياها وكان كل زعيم يتفنن في افقار مكونة وهذا يعود الى الثقافة الشمولية التقليدية .اما القوى التي تدعي العلمنة والديمقراطية و اليسار فلم تلعب اي دور حقيقي لا في الدفاع عن حقوق الانسان ولا قيم المدنية و التحضر بل رضيت بدور هامشي وانغمس ممثلوها في رحلة تخادم مع الحاكمين من زعماء المكونات على امل الحصول على بعض الفتات وهو عين مافعلة من ادعوا تمثيل مظاهرات تشرين هذا الفرق بين ثقافتنا وثقافة الكنديين حيث نجحوا فيما فشلنا بة .ان الدعوات الى تغير النظام الى رئاسي انما هي دعوى الى ايجاد دكتاتورية وتحكم تعصب وتزمت مكون معين بباقي الاطراف وتحكم احد امراء وزعماء المكونات بالاخرين وستنتج دكتاتورية على غرار دكتاتورية نظام صدام فتصفي الاقربون ثم الابعدون على قاعدة العدوالقريب ثم البعيد التي تستخدمها التنظيمات الارهابية التكفيرية.