18 نوفمبر، 2024 1:42 ص
Search
Close this search box.

نحن في بلد لا يحترم المبدعين والمثقفين

نحن في بلد لا يحترم المبدعين والمثقفين

 قال لي ذات مرة شاعر وكاتب متميز له صولات وجولات في عالم الابداع  انت شاب مبدع تملك قلم مثقفا لا يملكه الكثيرون من الشعراء والكتاب الذين يكبروك في السن عقود من الزمن …..
قلت له استاذي القدير نحن في بلد لا يحترم المبدعين والمثقفين ؟
هذه هي الحقيقة المرة التي يجب ان نعترف بها ففي العراق لا قيمة للأدب والفكر والفلسفة وهذا لغز يحيرني ودائما يترنح امام ذاكرتي الميتافيزيقية ولكن هذا ليس بالشيء الغريب على مجتمع تعمه الفوضى وانعدام المسوؤلية والركود الثقافي فهذا المجتمع تعرض للكثير من الكوارث الانسانية منذ ازمنة غابرة فعهد طاغية القرن صدام حسين كانت ثقافة الرفاق هي المسيطرة على كافة وسائل الاعلام المرئية والسمعية والمقروءة وكانت النتيجة ابادة تأريخ البعث من جذوره لأنها ثقافة بنيت على الحديد والنار والقتل وسفك الدماء واليوم الثقافة السائدة في العراق هي تتويج لمسيرة البعث الفاشية في عهد المالكي الذي يرمز لثقافة العمائم القادمة من بلاد الفرس …..
فكيف بالمثقف العراقي ان يضع بصمته الابداعية والاوبئة والامراض المزمنة تسكن واقع هذا المجتمع الذي لم يبقى منه سوى اعمدة الدخان وشوارع مكتظة بالنفايات وجدران تصدعت بفعل اصوات الانفجارات  ؟
ولا تقف فصول المأساة هنا بل قافلة العجائب والغرائب تحمل في جعبتها المزيد من الدراما والاكشن والتشويق والترفيه …..
فأنا لا اعرف كيف يفكر البعض ممن يدعون الثقافة ويحملون الاقلام تسمى بالمبدعة ويديرون مؤسسات صحفية وصحف ورقية والكترونية فهم في العلن يهللون للديمقراطية وحرية الرأي وتشجيع الاقلام الشابة والمشكلة ان معظم شرائح المجتمع تصدق هكذا عبارات رنانة بينما في الخفاء يمارسون ابشع مظاهر الترهيب الفكري والفلسفي تجاه هذه الاقلام الشابة وخير دليل على ذلك ان هنالك مافيا داخل دهاليز الصحافة العراقية ؟
فذات يوم ارسل لي صحفي وكاتب يدير دفة القيادة في احدى الصحف العراقية الورقية المتميزة  رسالة لي يتفنن فيها في كلماته ويشرح لي في عدة سطور معادلة الكم والنوع في عالم الكتابة وفي نهاية رسالتها او خطبته الثورية قال لي ما هي علاقة لينين بأخلاقه الفلسفية وكيف تقارن بين القذافي وجيفارا وكيف تفهم معاني وقيم الفلسفة الانسانية في ظل ايمانك المطلق بأرائك وطروحاتك عن الفلسفة …..
هنا فرحت كثيرا برسالته واجبته برسالة شكر تعبيرا عن امتناني له فنحن بحاجة لمثل هؤلاء المثقفين في المجتمع يضعون النقاط على الحروف لكي يصنعوا جيلا من الاقلام الشابة المبدعة عن طريق النقد البناء الذي يبني فلسفة الابداع في الذاكرة ولكن يبقى هذا الصحفي والكاتب ابرة في كومة من القش فهو نموذج نادر للقلم الذي عانى الترهيب الفكري والفلسفي ورغم ذلك اكمل المسيرة في عالم الابداع الى ان وصل الى قيادة ارقى الصحف العراقية في الشكل والمضمون فمن مثله من المثقفين يحترم قيمة القلم ومن يحمله من الايدي الناعمة التي تحبو نحو بوابة الادب والفكر والفلسفة  لذا سيبقى للأمل بقعة ضوء ويبقى للروح القدرة على التفنن في عالم الكتابة ولن تنطفأ شرارة المثقف الباحث عن الخلود …..
فمنذ دخولي لعالم الابداع كتبت ثلاث كلمات على الصفحة الاولى وهي القوة والارادة والتحدي هذه الكلمات هي شعاري وهي مبادئي وتعريف واضح وصريح كافي للجهل والجهلاء لكي اعلن فيه انني مثقف ومبدع متنوع ومختلف واستثنائي ومتميز يعيش في مجتمع شرقي متعفن يكره الابداع بكافة اشكاله  وينتمي الى بلد لا يحترم المبدعين والمثقفين …..

أحدث المقالات