18 ديسمبر، 2024 10:44 م

نحن بحاجة إلى قضاء يحاسب الفاسدين الكبار و ليس إلى قانون عقوبات جديد ليس فيه جديد

نحن بحاجة إلى قضاء يحاسب الفاسدين الكبار و ليس إلى قانون عقوبات جديد ليس فيه جديد

أعلن رئيس الجمهورية، يوم الثلاثاء 17/8/2021، بأنه قدم مشروع قانون العقوبات الجديد إلى مجلس النواب ليحل محل قانون العقوبات الحالي رقم 111 لسنة 1969. لافتا إلى أن من أبرز معالم القانون الجديد وضع النصوص العقابية الرادعة لمكافحة جرائم الفساد المالي والإداري وإلزام المختلسين برد الأموال المسروقة.
نصت المادة 315 من قانون العقوبات الحالي الذي ينتقصون منه “يعاقب بالسجن كل موظف أو مكلف بخدمة عامة إختلس أو أخفى مالا أو متاعا أو ورقة مثبتة لحق أو غير ذلك مما وجد في حيازته”، و هذا يبين بأن القانون الحالي الذي يعيبون عليه يعاقب الموظفين المختلسين و لا يتغاضى عنهم. و بالحقيقة فنحن بحاجة إلى قضاء قادر على معاقبة الفاسدين الكبار و ليس فقط الفاسدين الصغار، و الدليل على ذلك ما قاله القيادي هادي العامري في حديث على إحدى الفضائيات (موجود على الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=Dj1xEDlgXVE
) بأن الكتل السياسية تهدد القضاء لحماية الفاسدين. أما وزير المالية فلقد أوضح مقدار الأموال التي سرقها الفاسدين و عدم قدرة نظام القضاء العراقي في محاسبة سراق الأموال العامة حيث قال في ندوة إقتصادية بتاريخ 3 تشرين الأول 2020 على قاعة دار الضيافة لرئاسة مجلس الوزراء “أن هنالك 250 مليار دولار سرقت من العراق منذ العام 2003 و حتى الان”. و كذلك صرح وزير المالية في مقابلة تلفزيونية بتاريخ 5 شباط 2021 “لدينا ما يكفي من الأدلة بأن مزاد العملة للبنك المركزي كان سابقا جزءا مهما في نشر الفساد و هناك بعض الكتل السياسية الكبيرة متورطة به و تتخذ من أسماء و شخصيات مشاركة في المزاد واجهة لها”. و عن إمكانية تسميته لهذه الكتل، قال الوزير “لا أملك الحصانة القضائية و حتى إجراءات الحماية القانونية غير كافية لكشف الأسماء”. و هو بهذا التصريح يطعن بالنظام القضائي العراقي بصورة علنية في مقابلة تلفزيونية. و نتيجة هذا الوضع ضاع على الشعب العراقي 250 مليار دولار، و هذا المبلغ يعادل 25 ضعف المبلغ الذي تم توفيره بتخفيض قيمة الدينار في سنة 2021 و الذي يساوي 10 مليار دولار و الذي تسبب بتفقير الجزء الأكبر من الشعب العراقي.
أما بشأن إلزام المختلسين برد الأموال المسروقة، التي يعدنا بها رئيس الجمهورية في القانون الجديد، فنقول له بأنه كان لدينا القرار رقم 120 لسنة 1994 لمجلس قيادة الثورة المنحل و الذي ينص في المادة 1 منه: “لا يطلق سراح المحكوم عن جريمة إختلاس أو سرقة أموال الدولة أو عن أي جريمة عمدية أخرى تقع عليها بعد قضائه مدة الحكم ما لم تسترد منه هذه الأموال أو ما تحولت إليه أو بدلت به أو قيمتها”، و لكن أحد الحرامية في نظام ما بعد 2003 و بعد أن سرق من أموال الدولة و بعد أن أكمل مدة السجن المحكوم بها أقام دعوى قضائية بعدم دستورية قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 120 لسنة 1994 في المحكمة الإتحادية العليا، فأصدرت المحكمة الإتحادية العليا قرارها بالعدد: 57/إتحادية/إعلام2017 بتاريخ 3/8/2017 بعدم دستورية قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم 120 لسنة 1994 لتعارضه مع مبادئ الحريات الواردة في دستور جمهورية العراق لسنة 2005. و بهذا فإن القانون الجديد الذي يعدنا به رئيس الجمهورية لإسترداد الأموال المسروقة سيكون مخالف للدستور العراقي و سيطعن به الحرامية بعدم دستوريته في المحكمة الإتحادية العليا بعد إقراره من مجلس النواب، لنبقى ندور في حلقة قانونية دستورية مفرغة و الحرامية يسرقون أموالنا أمام أعيننا دون حسيب و لا رقيب بحماية الدستور العراقي و المحكمة الإتحادية العليا.
إذا كان رئيس الجمهورية حسب المادة 67 من دستور جمهورية العراق “رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة و رمز وحدة الوطن، يمثل سيادة البلاد، و يسهر على ضمان الإلتزام بالدستور، و المحافظة على إستقلال العراق، و سيادته، و وحدته، و سلامة أراضيه، وفقاً لأحكام الدستور” لا يعرف تلك الحقائق فهذه مصيبة أما إذا كان يعرف و يحاول إستغفال الشعب بالوعود الوردية فهذه مصيبة أكبر أما إذا كان يعتبر الشعب جهلة و أغبياء يمرر عليهم الهرطقات الساذجة فهذه الطامة الكبرى. و لا حول و لا قوة إلا باللّـــه العلي العظيم.