أنتم تتمتعون بكامل الحرية، تؤذنون في كل مدننا وقرانا وحاراتنا، تصلون الجمعة بصوت مسموع من الداني والقاصي، بحيث يجب علينا سماع الخطبة والصلاة، شئنا أو أبينا، أنتم تصلون حتى في الشوارع عندما تضيق بكم مساجدكم، أنتم تقرأون القرآن علنا في كل مكان، أنتم تشهرون بعقيدتكم أنى شئتم، أنتم، إن كنتم شيعة تقيمون مجالس العزاء بصوت يسمعه الداني والقاصي، وتقيمون شعائركم المقبولة والمستنكرة في الشوارع والأزقة، وتملؤون كل مدننا بيافطات العزاء، وإن كنتم سنة فهذه صلاة التراويح وغيرها عندكم. والذي لا يؤمن بالإسلام، خاصة المولود من أبوين مسلمين، ولو حسب الوثائق الرسمية، لا يحق له أن يفصح بعقيدته، ويجب عليه أن يتقبل نعته في قرآنكم بالكلب اللاهث، وبمن هو كالأنعام أو أضل من الأنعام، وبمن هو كالخشب المسندة، وواحد من شرّ البريّة، ويُتوعَّد بنار جهنم خالدا فيها أبدا، حتى عندما يأتي معزيا أحدكم بوفاة قريب له، فيجب عليه سماع ذلك صاغرا.
الذي أردت أن أبينه في هذه المقالة التي جعلتها في البداية في أربعة أجزاء، ثم أضفت ما أضفت حتى جعلتها خمسة ثم ستة أجزاء، والكلام موجه لأخواتي وإخوتي في الإنسانية المسلمات والمسلمين، المعاتبين لي بسبب نقدي الشديد حسب ما يرون لدينهم، أو المستنكرين عليَّ ذلك والمتأذين مني، أو المستغربين، بأني – صدقوني – لم أعبر عن نقدي للإسلام إلا مع ببذل أقصى جهدي، ألا أخدش من مشاعركم، وأن أراعي تلك المشاعر، هذه المراعاة التي قد لا يراها البعض منكم متحققة، أو يراها غير كافية، وإلا فنقدي للدين وشعوري بضرره على حياة الإنسان فردا، ذكرا وأنثى، وشعبا عراقيا، وشعوبا ذات أكثرية مسلمة عموما، ومجتمعا إنسانيا، هو أكبر بكثير جدا جدا مما أعبر عنه. من هنا قلت إني من الكاظمين غيظهم تجاه أضرار الدين، ومِن – لا أقول العافين عن – بل من المحبين للطيبات والطيبين من المتدينات والمتدينين، ومن المحترمين لعاقلاتهن وعقلائهم، رغم كل رفضي للدين، لأني أعتمد القاعدة:
يجب التمييز بين الدين وأتباع الدين، وكمصداقين بين الإسلام والمسلمين،
وبين مسلمين ومسلمين،
وبين إسلام وإسلام، بما في هي صور الإسلام المتعددة في الواقع، لا في الحقيقة المفترضة في عالم التجريد.
ونفس الشيء يقال عن كل الأديان.