22 نوفمبر، 2024 8:41 م
Search
Close this search box.

نحن الكاظمون الغيظ العافون عن الناس 4/6

نحن الكاظمون الغيظ العافون عن الناس 4/6

«وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا فاحِشَةً أَو ظَلَموا أَنفُسَهُم ذَكَرُوا اللهَ فَاستَغفَروا لِذُنوبِهِم»:

كما مر إن مثل هؤلاء لا يدّعون المثالية في إنسانيتهم واستقامتهم، فلهم أخطاءهم كبشر، وقد تصدر إساءة أو ظلم منهم على آخرين، وبذلك يظلمون أنفسهم حسب التعبير القرآني، عندما يتصرفون خلاف مبادئهم ومثلهم التي يؤمنون صادقين بها، ويسعون جاهدين لتجسيدها، فتراهم يسارعون إلى ذكر مُثُلهم، المعبَّر عنها هنا بالله جل وعلا، فيستغفرونه، إما بما هو الاستغفار بمفهومه المقارب للمفهوم الديني، أو بمحاسبة الذات وتأنيب الضمير، والتعاهد مع النفس على تجنب تكرار ذلك، حتى لو لم يؤمنوا بالله، فهم بذلك يكونون بمثابة الذين استغفروه، إذا سلمنا بوجوده، كما أؤمن أنا به. وجرى هنا غض النظر عن مصطلح «الفاحشة»، وما يحمله من معنى ديني، لا شغل لنا به.

«وَلَم يُصِرّوا عَلى ما فَعَلوا وَهُم يَعلَمونَ»:

أي ليسوا من الذين يكابرون، ويستنكفون من الاعتراف بأخطائهم والاعتذار إلى من أخطأوا بحقه، فترى مثل هؤلاء، حتى لو شعروا في قرارة أنفسهم بالخطأ الذي ارتكبوه، «تأخذهم العزة بالإثم»، كما يعبر القرآن تعبيرا جميلا، إذ هو رغم الكم الهائل لدينا من إشكالات على أكثر ما فيه، لا يخلو من تألقات جميلة، فلسفية، أو أخلاقية، أو عرفانية. فمثل هؤلاء يعتذرون حتى لشعوبهم، عندما يشعرون أنهم أخطأوا بحقها، وليس من قبيل الثناء على الذات، وإنما كمثل أورده هنا، عندما قلت مرة بعد 2006 من على فضائية، وبشكل عفوي تماما، لم أكن قد حضرت له؛ قلت: «أعتذر للشعب العراقي لجلوسي لما يقارب السنة على مقعد إسلامي وشيعي»، أعني في فترة عضويتي في الجمعية الوطنية، بالرغم من أني كنت عضوا مشاكسا، ومعارضا للطروحات الإسلامية والشيعية، خاصة في لجنة كتابة الدستور.

إذن نحن «المُتَّقونَ [الظلم والسوء ما استطعنا إلى ذلك سبيلا] الَّذينَ يُنفِقونَ فِي السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ [من وقتهم وتفكيرهم ومالهم من أجل قضية شعبهم وقضايا الإنسانية] وَالكاظِمونَ غَيظَهم على كل مساوئ الدين التي شخصوها، وَالعافونَ عَنِ النّاسِ [المتبعين عن جهل واتباع للآباء والأمهات والبيئة الاجتماعية لما فيه من الضرر على الشعوب والإنسانية، بما يجعل صاحب النزعة الإنسانية يمتلئ غيظا] المُحسِنونَ [عملا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا] وَالَّذينَ إِذا فَعَلوا [سيئة] أَو ظَلَموا أَنفُسَهُم [بظلم غيرهم] ذَكَرُوا [مبادئهم وأنّبهم ضميرهم] فَاستَغفَروا لِذُنوبِهِم [ممن أساؤوا إليه قبل أن يستغفر المؤمنون منهم الله] وَلَم يُصِرّوا عَلى ما فَعَلوا وَهُم يَعلَمونَ [ونحن] العامِلونَ [من أجل شعوبهم ومن أجل الإنسانية ومثل الخير، من عدالة ومساواة وحرية وسلام]».

أحدث المقالات