منذ ان كتب حمورابي مسلته ونحن نختط للعالم باسره درب العدل والانصاف ، حتى اصبحت بغداد في العصر العباسي حاضرة الدنيا ومنهل العلم والمعرفة ، وبين البابليين والعباسيين طريق طويل مزدان بالشعراء والفلاسفة والاطباء والعلماء ، حتى انغام الموسيقى انطلقت من هنا،هؤلاء نحن ، فمن يجرؤ على نكراننا ، وهل من تاريخ بدون ارض السواد .. ومن كان هذا تاريخه وتلك حضارته ، لايمكن ان يكون تابعا لاحد بل متبوعا في كل الاحوال ، ولا اريد هنا ان اغفل عقودا طويلة بل قرونا كان العراق فيها محتلا ، الا انه بقي شاخصا برغم العاتيات ، وما من دليل اعظم على ذلك من طمع الامم في خيراته على مدى التاريخ وحتى يومنا هذا .
في عصرنا طالعنا البعثيون بمبدا المؤامرة وصفا لكل مايخالف طروحاتهم ، ثم قتل المحتل -بذريعة الارهاب – من ابنائنا وشيوخنا واطفالنا ما شاءت الاقدار ، ودنّسوا شرف العراقيين والعراقيات ، وما فضيحة سجن ( ابو غريب ) عن آهات صدورنا ببعيدة ، ومالبثت ان امتلات رؤوسنا وجزعت مسامعنا من (اسطوانة ) الاجندات الخارجية ، كل ما يحصل على ارضنا يتحول بين ليلة وضحاها – بقدرة قادر – الى جعبة تلك الاجندات ، وكل من يَنتقد الاوضاع ويتظاهر فهو مرتبط بها ، وكل تفجير تسيل منه دماء العراقيين بغزارة مكتوب داخلها ، والفشل في حل مشكلة الكهرباء والمياه وصرفها والفساد والظلم وامتهان حقوق الانسان ، كل شيء مدون في صفحاتها ، فيالها من اجندات ملأت قلوبنا قيحا ولم تنتهِ سطورها بعد ، ولم تجف اقلام لعينة كتبتها ، وكأن الدول (صويحبات الاجندات) تركت شعوبها وأمنها ومستقبلها وتفرغت لكتابة اجندات العراق ، فاي سم رعاف يريد الفاشلون ان يسقونا جرعة منه .
كل من يتسيد علينا يمعن تفكيره ببناء مسبك للاعذار وقلعة عاجية يختبئ فيها ويُخبئ ترنحه وسوء طالعه لانه نسي او تناسى انه يحكم العراقيين ، وليس شعبا اخر .
كيف نصدق اننا كتبنا التاريخ والقانون وعلمنا البشرية مالم يعلموا ، ثم نخضع لاجندات تحركنا كاحجار الشطرنج .
عيبنا اننا صدقنا من يقول : عراق موحد ، ونسينا انه واحد لايقبل التقسيم ولا الأقلمة ، تبنينا المذهبية والاثنية ومحونا من ذاكرتنا معنى العراقية التي نحياها منذ انزل الله آدم على ارضنا ، فاعلموا ان من يخون الجغرافية يلعنه التاريخ ، وان من يتذرع بالاجندات يلعنه العراقيون ، ولو بعد حين ، عندما يقول الناس .. كل الناس : نحن العراقيين وليس شيئا اخر .