18 ديسمبر، 2024 10:08 م

نحنُ و ” حطّين ” وصلاح الدين

نحنُ و ” حطّين ” وصلاح الدين

لمْ تبقَ ايّةَ دواعٍ للكتابة او إعادة الكتابة عن تفاصيل معركة حطين التأريخية – العالمية < التي مرّت ذكراها يوم امس , حيث وقعت في الرابع من تموز عام 1187 م – الخامس والعشرين من ربيع الثاني عام 583 هجري > , بعد أنْ تخصصّت لها وضمّتها احضان مجلّدات و” انسكلوبيديات و ويكيبيديات ” , فضلاً عن البحوث والأطاريح في مختلف اللغات , وخصوصاً في الدول الأوربية التي شاركت جيوشها في مقاتلة جيش القائد صلاح الدين الأيوبي .

ليس مفهوماً ولا مقبولاً لماذا لا تقام احتفالات كبرى واوسع بهذه المناسبة في كافة الدول العربية والأسلامية تخليداً لتلك المعركة العالمية الفريدة .!؟

وكما أشرنا في اعلاه , فلسنا بصدد إعادة كتابة تأريخ تلك الملحمة , إنّما نشير هنا أنّ اسرائيل تحتفل سنوياً بهذه المناسبة .! وكأنّ صلاح الدين انتصر على جيوش اوربا واعاد المدن المغتصبة وسلّمها لليهود .! , وذلك دونما شكّ فشلٌ ذريع للدعاية الإسرائيلية على الصعيدين الإعلامي والسياسي .

القائد الكبير صلاح الدين هو عراقي من مواليد مدينة تكريت ” وكانت آنذاك تسمى بقلعة تكريت ” , وعن مدى شهرته على الصعيد الدولي او العالمي بعد هذه العقود والقرون من السنين , ففي مطلع ثمانينيّات القرن الماضي وإبّان اشتعال الحرب العراقية – الإيرانية , جرى إحالة الجنرال البريطاني الفريق الركن ” فردسون ” على التقاعد لإنتهاء خدمته القانونية .. في اليوم الثاني لذلك تلقّفتْ صحيفة ” الديلي تلغراف ” البريطانية الخبر , وعرضت على الجنرال تعيينه مراسلا حربياً للصحيفة , ووافق الفريق ” فردسون ” لذلك وطلب من رئاسة تحرير الجريدة ترتيب إيفاده الى بغداد لتغطية الحرب العراقية – الإيرانية , والتي كانت تستهويه وفق اختصاصه العسكري , لم تمضِ سوى أيامٌ قلائل حتى حطّ الجنرال الرحال في بغداد .. في اليوم التالي اصطحبتُ شخصياً الجنرال فردسون في سيارةٍ رسميةٍ لزيارة القاطع الأوسط من الجبهة .

في مدينة ” خانقين ” القريبة من الحدود توقّف سائق المركبة ” عند احدى ساحات المدينة ” لسببٍ او لآخرٍ لا اتذكّره , وربما لإزدحام السير جرّاء مرور رتل عسكري , ترجّلنا من السيارة لبضعة دقائق , ولاحظتُ الفريق فردسون في حالةِ تأمّلٍ طويل وانظاره متّجهة نحو نصبٍ تذكاري في وسط الساحة التي توقفنا بالقرب منها , النصبُ كان يمثّل تمثالاً لفارسٍ يشهر سيفه من فوق او من على ظهر الفَرس , سألني ” فردسون ” هل هذا صلاح الدين .؟ , وكأنني صُعِقتُ من فرحٍ تسيل لأجله الأدمُع , وكأنني احادث نفسي كيف تذكر الجنرال الأنكليزي صلاح الدين في تلك اللحظة , وكيف انطبعت صورته في ذاكرته .! , سِرنا لمسافةٍ قليلةٍ لنقرأ أسم الفارس الذي يتوسط الساحة , وبدا أنه احد القادة العسكريين العراقيين التأريخيين الذين فتحوا الأمصار وغزوا بلداناً وبلدان .. إنّها الذاكرة العسكرية البريطانية التي تستجمع التأريخ عبر القائد العراقي صلاح الدين الأيوبي , وفي ايّ لحظةٍ مفاجئة .!