من المفارقات ذات العلاقة بالبروتوكول الرئاسي الأمريكي , أنّ كلّ رئيسٍ للولايات المتحدة حينما يتوجّه الى الطائرة المروحية الرئاسية ” للقيام بجولاتٍ في المدن والولايات الأمريكية او المنتجعات الخاصة بإستراحة الرئيس ” فالبروتوكول المتّبع يفرض أن يتوجّه الرئيس سيراً بمفرده نحو المروحية , والهدف المحدد من ذلك او وراء ذلك هو لفسح اوسع مجالٍ لشبكات التلفزة وكاميرات المصورين المتجمعين , لتغطية وعرض حركة الرئيس ومن زواياً مختلفة , لكنّ بايدن ” في هذه المرة او حديثاً ” كسرَ هذا البروتوكول وكأنّه مزّقه إرباً إرباً .! فنتيجةً لتعثّر الرئيس وسقوطه على الأرض لعدّة مرّاتٍ ( وهذا ما جرى عرضه في كل دول العالم ) , فإنّه صار وابتدأَ مؤخراً يحيط نفسه ” وعن قرب ” بمجموعة من الأشخاص ليحول دون التقاط عدسات الكاميرا في حالة سقوطه او تدحرجه على الأرض مرّة اخرى < ولمْ يكشف الإعلام الأمريكي عن ماهيّة اولئك الأشخاص , سواءً كانوا من اصدقاء الرئيس او اقاربه , او حتى من المخابرات او الرفاق > .. الرئيس بايدن منهمك في هذه الأيام بالقيام بجولات ميدانية في مختلف المناطق الأمريكية لأغراضٍ دعائية لحملته الأنتخابية – الرئاسية المقبلة ولجمع الأموال لتموينها او تمويلها , مستغلاً اضطرار المنافس ” ترامب ” لحضور جلساتٍ لإحدى المحاكم الأمريكية لعدة مرات في الأسبوع .. وفي ظلّ التناقض والتباين بين قرارات ورؤى محاكم امريكية مختلفة حول اهلية ترامب للترشح للرئاسة , حسمت المحكمة الأمريكية العليا الأمر لصالحه مؤخراً .
الى الآن فنحن في منتصف الطريق او نحوه عبر هذه الأسطر .! , تظاهرات طلبة عدد من الجامعات الأمريكية واعتقال اعداد كبيرة من المتظاهرين وقمع بعض هذه الأحتجاجات المؤيدة للشعب الفلسطيني في غزة والمناوئة للقصف الأسرائيلي , من قبل الشرطة الأمريكية , لابدّ ان يغدو لها اكثر من انعكاس في التصويت على الأنتخابات الرئاسية المقبلة قبل نهاية هذا العام , إذ يؤخذ بالأعتبار اصوات اقارب واصدقاء والمتعاطفين مع هؤلاء المتظاهرين ومديات تأثيرها وتجييرها في الإعلام , ممّا يجعل موقف الرئيس الحالي معلّقاً الى حدٍ ما او اكثر اهتزازاً من ذي قبل .
على صعيد المنافس الرئيس السابق ترامب , فتقتضي المقتضيات التذكير او اعادة التذكير بأنّه سبق وصرّح منذ بضعة شهورٍ بأنه في حالة اعادة انتخابه فسوف يوقف الحرب في اوكرانيا خلال يومٍ واحد .! ( والتي دونما شك لا تعني ايقافها خلال 24 ساعةٍ بالدقائق والثواني ) لكنه يتعلّق بالوفاء بالوعود الأنتخابية مع أخذٍ بالأعتبار للمتغيرات الدولية الطارئة , لكنّما يتوجب عدم النسيان أنّ ترامب هو اول رئيسٍ امريكي نقل سفارة بلاده من تل ابيب الى القدس .! , فكيف ستغدو توجّهاته المقبلة تجاه الحرب الدموية في غزة , مع ملاحظة حمّى انتشار الحركة الأحتجاجية لطلبة الجامعات الى ولاياتٍ وجامعاتٍ امريكيةٍ اخرى , بل أنّ < العدوى الأيجابية > لهذه الحمّى انتقلت منذ يوم امس الى جامعاتٍ فرنسيةٍ ايضاً , وربما لدولٍ اوربيةٍ غيرها ( لكن غير عربيةٍ للأسفِ والأسى ) , وماذا يحسب ويتحسّب نتنياهو لهذه التطورات ذات سعة الأنتشار , هل بفرض واقعٍ آخرٍ ” غير واقعيٍ ” برفع نسبة القتلى الفلسطينين الى اضعافٍ أخريات , أم بفرض سياسة الأرض المحروقة التي لم يبق منها سوى القليل كرفح .!