ما تناقلته وبثّته القنوات الفضائية على عجالةٍ اضطرّت لنشره على ” الشريط الإخباري – Subtitle ” قبل نحو ساعتين من منتصف ليلة الأربعاء \ الخميس هذه , لتنقل فيه تصريحاً حديثاً لرئيس الحكومة اللبنانية السيد ميقاتي ” وكأنّه تصريحٌ مُدوٍّ بالفعل ” بأنّه يأمل بإنجاز وتنفيذ وقف اطلاق النار خلال ساعات او أيّام .!
بقدر أنّ هذا التصريح يُثلج الصدور وينعش القلوب سايكولوجيا وعاطفياً على المستويين اللبناني والقومي , واذ لابدّ من الإقرار المسبق بأنّ الرئيس ميقاتي لا ينطق ولا يتحدث عبثاً , لولا استناده – ولا نقول اعتكازه – الى بعض معلوماتٍ ما ” ايّاً كان مصدرها ” , لكنّ ما تسببت به آلة القتل والقصف الأسرائيلي لأروقة وبلدات وجماهير لبنانية وما قادت الى تهجير جموع العوائل الغفيرة وتشتتها ومافرضته عليها تراجيديا المعاناة القاتلة , فذلك وسواه واكثر من ذلك .! فإنما يجعل عموم الرأي العام اللبناني والعربي ليفتقد قدرة استيعاب ان يغدو ويحصل وقف اطلاق النار خلال ساعات .!! وربما حتى خلال ايامٍ قلائل .!
الرئيس ميقاتي ورغم موضوعيته في التعاطي مع ملابسات الأزمة القائمة ووضوح مدى الرؤية لديه لأبعاد مجريات ما يجري , لكنه بدا في هذه المرّة وكأنّه شديد التفاؤل ” وقد يعود ذلك الى طبيعته وصفاء نيّته سيكولوجياً على الأقل ” .!
ما يضاف او ما يسبق تصريح رئيس حكومة تصريف الأعمال أنّ موقع ” اكسيوس ” الأمريكي وهو الأكثر شأناً في التعاطي مع الحرب في غزة ولبنان وحيثياتها , بل وحتى في تفاصيلها الدقيقة , قد نشرَ بأنّ تحقيق وقف اطلاق النار المفترض يتطلب بضعة اسابيع , واكسيوس حينما وعندما ينشر هكذا معلومة او سواها , فإنها خلاصة ما يستخلصه من اركان البيت الأبيض والمخابرات على الأقل , وربما ما يجري تسريبه عمدا لهذا الموقع من ذوي العلاقة والشأن في الإدارة الأمريكية .
في الحقيقة أنّ ما يعزّز عدم الإستسلام النفسي والفكري لما ذكره الرئيس ميقاتي بإحتمال وقف الحرب او وقف اطلاق النار خلال ساعات او ايام , فإنّما يكمن في بعض الإجراءات الستراتيجية – الفنية التي ينبغي ان تستند عليها اجراءات التوقف الفعلي عن اطلاق النيران من جانب حزب الله , عبر ومن خلال النظرة الأسرائيلية – الأمريكية المشتركة لذلك , حيث قبول الحزب بسحب ونقل مقاتليه واسلحته خلف نهر الليطاني , فمديات صواريخ الحزب ممكن تسديدها وتوجيها من خلف النهر نحو العمق الأسرائيلي .! , كما لا ضمانات موثّقة بسحبٍ كامل للجيش الأسرائيلي الى خارج المنطقة الحدودية المشتركة مع لبنان < وبغض النظر من الإعتياد والإدمان على طبيعة الغدر للأسرائيليين , واستثمارهم المحتمل لسحب قوات الحزب الى الخلف ليحلّوا محلّها ويهاجموا الجنوب مرّةً اخرى ” فما من يؤكد ويضمن ذلك توثيقيا على الأقل , أمّا ما يقال وينشر عن ارسال قوات مراقبة من بريطانيا والمانيا وفرنسا للفصل بين الطرفين , فهذه القوات تابعة لدولٍ منحازة لأسرائيل , بل أن الألمان والبريطانيين يشاركون عملياً في تغذية آلة الحرب الأسرائيلية بكلّ سبل التدمير والمعلومات الأستخبارية .
قطعاً , ليس ما تحمله هذه الأسطر من رؤىً بعيدة ! بقصد التأويل , ولا الإنجرار الى ما يدنو من سفسطة اعلامية مفترضة او مُتَصوّرة , انّما هي محددات وقائية – استباقية لعدم الوقوع في فخٍ اسرائيلي آخر , سيّما أنّ رئيس وزرائهم يظن انه يجيد اللعب في ذلك , وهو مكشوف وعارٍ .!