تعوّدنا على أن نمارس سلوكا عنصريا في ردود افعالنا اليومية إزاء بعض المواقف والاحداث،سواء كان ذلك بوعي منّا أو دون وعي،وذلك عندما نروّج لمشاعر الكراهية والعنف والتطرف ضد آخرين لايمتّون إلينا بصلة دينية أو قومية أو طائفية.
وعادة مانعبّر عن تلك الكراهية بسيل جارف من الشتائم والالفاظ البذيئة والمهينة نتفنن في انتاجها ونحن نقذف بها الآخرين في لحظة ما في حياتنا اليومية .
قد يكون سبب انحدارنا الاخلاقي هذا سببه خسارة فريقنا الوطني بكرة القدم مع فريق خليجي أو افريقي أومصري أو أيراني أو سوري …. الخ .أو قد يكون السبب تفجير انتحاري راح ضحيته العديد من المدنيين الابرياء،كشفت لنا التحقيقات الرسمية أن الانتحاري كان افغانيا أو باكستانيا أو فلسطينيا أو سوريا أو سعوديا أو أو أو أو ….
فالمهم في هذا الموضوع أن الطرف الآخر ليس من أبناء جلدتنا،لكي تتوفر لنا فرصة مناسبة جدا حتى نُفرِغ مافي جعبة دواخلنا من عبارات الكراهية ضد الآخرين،عادة ما كدَّستها خلال عقود وازمنة طويلة في وعينا وممارساتنا،ثقافة عامة شائعة في مجتمعاتنا الشرقية ،يتحمل مسؤوليتها عدة اطراف، منهم رجال دين متطرفين في فهمهم وقراءاتهم لنصوص الدين إلى الحد الذي لايترددون في التصريح علانية دون تردد بكل عبارات الاساءة والتحقير لأتباع الديانات الاخرى،أيضا أحزاب سياسية تراهن ايدلوجياتها دائما على ترويج قيم التعالي بين اتباعها ضد الآخرين من القوميات الاخرى بقصد الحصول على اكبر قاعدة جماهيرية من المؤيدين،كذلك ساسة وزعماء وقادة ومثقفون انتهازيون لايترددون في خطاباتهم على استثمار عبارات العداء ضد اديان وطوائف اخرى لاينتمون لها حتى يصلوا الى مايبتغون اليه من مناصب ومكاسب ومغانم .
لم نتوقف يوما أمام مانردده ونلوكهُ من كلمات وعبارات عنصرية تعوَّدنا على استعمالها دون وعي منّا وكأنها أمر طبيعي لايحمل شيئا مستفزا ومسيئا للآخرين لكي نحاكمها ونجتثَّ منها ماهو شاذ ومريض وطارىء على الفطرة والثقافة الانسانية ويتقاطع مع قيم التسامح والاخوة والمحبة التي تدعو اليها ادياننا والتي طالما تبجحنا بها كلما اصبحنا في موقف حرج .
لم نتوقف يوما أمام هذه العبارات لنفكك ماتحمله من كراهية وعنف موجه ضد اخرين يختلفون عنّا في الدين والمعتقد والهوية عبرمؤتمرات وتجمعات واجتماعات عامة، وكذلك في المدارس والجامعات والجوامع والكنائس.
ينبغي أن نعترف ونقر بأننا تعوّدنا في حياتنا اليومية وفي ثقافتنا العامة ــ ولاأستثني من ذلك حتى النخب المثقفة ــ على أن نشتم الشعوب الأخرى دفعة واحدة بكل سهولة فيما لو تهيأ لنا ظرف ما .
ولكي نصحو من غيبوبتنا العنصرية،ونرى الاشياء بوضوح ونحدد مايستحق الادانة أو الشتم،ينبغي أن يذهب غضبنا في مساره الصحيح نحو الاطراف التي تستحق الادانة والشجب والشتيمة التي لاتتعدى الانظمة والحكومات والجمعيات والمنظمات والافراد وكل الذين يشجعون على التطرف والارهاب والعنصرية خدمة لمصالحها وليس الشعوب والاديان والقوميات مهما كان شكلها او لونها او جنسها .