23 ديسمبر، 2024 1:22 م

قبل أكثر من إلف وأربعمائة عام وبالتحديد في زمن الجاهلية”كما يطلق عليه تصنيفا”, برز تكتل الأثرياء في مكة, وهو يعتمد على دعم الأثرياء بعضهم لبعض, للحفاظ على تجارتهم وثرائهم, نتيجة لتطابق مصالحهم, وكانوا هم من يدعم النظام الفاسد القائم في مكة, من ظاهرة الربا والتجارة بالعبيد وحماية بيوت الرايات الحمر والأتجار بالخمر, فكان غياباً للعدل شبه كامل, فاتفق جمع من أهل مكة ممن يمكن ان نطلق عليهم “الطبقة المتوسطة” لمواجهة تكتل الأثرياء, فأعلن الجمع عن انبثاق حلف الفضول, وكان في الاجتماع إشراف القبائل ومنهم (بنو هاشم), وغاية الحلف المعلنة هو نصرة المظلوم والدفاع عنه, والعمل على استتباب الأمن في مكة.

فكرة مشرقة من زمن الجاهلية, في تشكيل حلف لنصرة المظلوم وتحقيق الأمان, لحفظ كرامة الإنسان.

في زماننا “الأغبر” يغيب العدل ويكثر المظلومين ويغيب الأمان! فالقانون معطل بسبب ضعف وفساد الحكومة, وهيمنة أحزاب السلطة, وحتى القوانين العشائرية هي لا تنصر المظلوم بل هي تنصر فقط أهل الثراء وابن العم حتى لو كان ظالما, ولا تحقق العدل فاغلب تشريعاتها تخالف الدين والبديهيات الإنسانية, وآلاف المظلومين لا من ركن يلجئون له, وأقولها وأنا حزين عندما نقارن بين زمننا وزمن الجاهلية, لأدركنا ان الجاهلية أفضل! بسبب تواجد حلف الفضول, إما نحن ففي صحراء واسعة من دون أي وسيلة أمان, فلا قانون حكومي مطبق ولا نظام عشائري ينصف المظلوم ويحقق الأمان, فالعار كل العار لحلف الأحزاب الحاكم الذي جعلنا نترحم على زمن الجاهلية.

أجد إننا اليوم ومع استمرار غياب سلطة القانون نحتاج الى حلف يشابه حلف الفضول في كل مدينة, يقوم به الطبقة الوسطى والفقيرة, وتنظم له العشائر في كل مدينة, فيكون هدفه الكبير حفظ كرامة الناس بحيث يهتم الحلف بنصرة المظلوم, وتحقيق الأمان للمدينة, فتتوقف الصراعات العشائرية حيث سيكون الحلف هو الفيصل والقاضي لحل النزاع سلميا, وينصر المظلوم مثلا شخص يتعرض لتسليب أو سرقة أو اهانة فالحلف يقف معه ضد الظالم مهما كان اسمه ولقبه, حتى ان الحلف يقف بوجه تمادي الجماعات المسلحة مستندا لتأييد الناس وحلف العشائر, وبهذه الطريقة يتقلص نفود الجهات التي تهدد أمان المواطن.

الدعوة هنا لإعادة الحياة لحلف الفضول ليست نكتة, بل سببها تكاسل الطبقة السياسية وامتناعها عن فرض القانون, لتحقيق الأمان وحفظ كرامة الناس, والدعوة بالأصل هي لتعرية الطبقة السياسية الغارقة بالفساد, والتي انتهجت نهج الطغاة في الحكم في عملية سحق الناس وإذلالهم, إما حلف الفضول فجاء على النقيض فهو للاصلاح ولنصرة الناس وحفظ كرامتهم ومن دون مقابل, فهل نجد صدى لهذه الدعوة الصادقة لانتشال المواطن من كماشة الحكومة والأحزاب والقوى العسكرية.