23 ديسمبر، 2024 3:59 م

نحتاج إلى عدلي منصور عراقي!

نحتاج إلى عدلي منصور عراقي!

من خلال التجارب العالمية في ممارسة السلطة ثبت أن نظام دولة القانون الديمقراطي هو أفضل الأنظمة على الإطلاق ، حيث يعتمد على العمل المؤسسي في إدارة الدولة ، ويساوي بين جميع أفراد المجتمع مهما كان لونهم أو منصبهم في ذلك المجتمع ، حيث الجميع أمام القانون سواسية ،ولاوجود في دولة القانون لحكم العشيرة أو الطائفة أو القومية ، فالجميع لهم مرجعية واحدة هي مؤسسات دولة القانون ،والتوازن في الحقوق والواجبات ، لأن الإخلال بهذا التوازن يؤدي حتماً إلى الإستبداد في حال تغليب كفة السلطة ، والفوضى في حال تغليب كفة حرية وحقوق الأفراد على ضرورات السلطة ومتطلباتها القانونية .
ولكي نستطيع أن نقيم دولة العدل من خلال القانون ومؤسساته التنفيذية والتشريعية لابد من خلق أرضية مجتمعية تعتمد على قبول الآخر الوطني المختلف معي في المذهب والقومية ولا بد من احترام رأيه و خصوصيته ، وبث روح التسامح والثقة المتبادلة ، والتصدي للمشاكل التي تعيق تقدم المجتمع ، كما لابد من  القناعة على أن أفراد المجتمع مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، شركاء في الوطن.
 ولكي نرسخ هذه المفاهيم المجتمعية لابد من اعتماد نظام ديموقراطي يحترم القانون ، ونحن لانختلف عن أي مجتمع متطور آخر في المعمورة ، والفرق الوحيد إنهم احترموا القانون ، لأن المؤسسات التي يتم من خلالها تطبيق القانون لاتراعي في الحق والعدالة لومة لائم من المكونات المجتمعية الطائفية أو القومية أو العشائرية ، ولاتعترف سوى بالمواطنة التي تحترم ذلك القانون .
ومأساتنا اليوم التي تعيق تقدم بلدنا نحو بناء الدولة المدنية الديمقراطية (دولة القانون) أن مكونات المجتمع ومن خلال موروثاتها لاتحترم القانون ولها قانونها الخاص بها , وكذلك يعاب علينا تخطي موجبات بناء دولة القانون وعبورها إلى مراحل أصبح من الصعب معها العودة إلى المراحل المهمة التي يجب أن يمر بها مجتمعنا لكي نمهد لدولة القانون التي تحفظ حقوق الجميع من دون تفرقة على أي خلفية مجتمعية قومية أو مذهبية أو عشائرية ، ويتم ذلك بمساعدة النخب السياسية التي تقود ركب بناء الدولة ، حيث رسخت العشائرية والمناطقية والقومية والمذهبية في أثناء تصديها لقيادة المجتمع .
 نحن أحوج ما نكون لقيادات تعمل ليس لتكريس بقا ئها في المنصب ، بل تعمل لوضع المجتمع على الجادة الصواب من خلال التشدد في تطبيق القانون وبناء المؤسسات التي تبقى راسخة في المجتمع ، نحتاج إلى قيادات لديها نكران ذات وزهد في السلطة  في سبيل بناء هذا المجتمع والحرص على مؤسسات الدولة العادلة التي تحفظ للجميع حقوقهم .
ان مايحصل اليوم في بلدنا من صراع دموي وغير أخلاقي على رأس السلطة سببه التركيبة العقلية الفئوية والحزبية التي رسخها الإحتلال والتجاذبات الأقليمية ، ووجود قيادات لاتعمل لبناء الوطن ، بل تعمل لمصالحها الضيقة المختلفة.
ان مشكلتنا كعراقيين وكعرب نعتمد على الرجال في تسيير شؤوننا السياسية والإقتصادية والثقافية ، ونهمل بناء المؤسسات التي تقوم بهذا الدور كما هو حاصل في الدول المتقدمة ، وخير مثال مايحصل اليوم في مصر على سبيل المثال لا الحصر ، حيث يطبل اغلب أبناء الشعب المصري لتولي المشير السيسي لقيادة مصر ، حيث يعتقدون أنه يملك العصا السحرية لحل المشاكل الإقتصادية والسياسية التي تعاني منها مصر اليوم ، ولكنهم في الحقيقة يحتاجون إلى شخص آخر غير السيسي وهو الرئيس المؤقت عدلي منصور الذي أعلن بكل صراحة ووضوح زهده بالسلطة وعدم رغبته  في الإستمرار في هذا المكان ، بل ولشدة مقته للسلطة،  ولعدالته قال إنه يعاني من مسالة عودته إلى منصبه السابق في القضاء المصري ، لأنه دخل المعترك السياسي من خلال منصب الرئيس المؤقتّ!
إننا نحتاج ومعنا مصر إلى رجل بمواصفات عدلي منصور ، لكي يبني المؤسسات التي تطبق دولة العدل (دولة القانون) وسيكون حريصاً على ذلك لأنه غير طامح في البقاء على رأس السلطة ، وأكيد إن هذا الشخص في العراق موجود والأكيد لابد أن يكون غير منتم إلى أي حزب من الأحزاب السياسية لكي يكون متحررا من كل الضغوطات !
فهل من الممكن أن نجد هذا الرجل في العراق وسط كل هذه التجاذبات الحزبية والقومية والطائفية والمناطقية ، نحتاج إلى هزه سياسية بمقياس عشر درجات لكي نمحو كل مابني من سياسات خاطئة بعد 2003 ونبدأ في البناء من جديد مع عدلي منصور عراقي.