هذه هي الحلقة الثانية من مقالاتي حول نجوم كلية اللغات في جامعة بغداد , والتي اكتبها بمناسبة مرور (60) عاما على تأسيسها ( انظر مقالتينا بعنوان – ستون عاما على تأسيس كليّة اللغات بجامعة بغداد / و / عود على الذكرى الستين لتأسيس كليّة اللغات . ) . لقد توقفت في الحلقة الاولى عند المرحومة حياة شرارة ( من قسم اللغة الروسية ) وعند المرحوم الشهيد فؤاد ابراهيم ( من قسم اللغة الالمانية ) , و اتوقف اليوم عند أسمين اخرين من الراحلين ايضا (وحسب الترتيب الهجائي للاسماء طبعا) , وهما كل من – المرحوم علي يحيى منصور( من قسم اللغة الالمانية) والمرحومة ماري القطيفي ( من قسم اللغة الفرنسية).
علي منصور
=======
الاستاذ الدكتور علي يحيى منصور رحل في هذا العام ليس الا (2018), ( انظر مقالتنا بعنوان – أ.د. علي يحيى منصور ..وداعا ) . ذكرت في تلك المقالة , ان علي منصور ترك عدة مخطوطات ولم يحاول ان ينشرها لعدة اسباب اهمها طبعا تواضع العلماء, و اعلنت في تلك المقالة , ان دار نوّار للنشر مستعدة لطبعها ونشرها , وكتبت باني اعرف ضمن تلك المخطوطات – (معجم المصطلحات الادبية / الماني – عربي ) , وقد كتب د. عماد مبارك غانم من المانيا تعليقا على تلك المقالة يقول فيه , ان تلك المخطوطة توجد لديه . ان د. عماد مبارك غانم هو أحد طلبة المرحوم أ.د. علي يحيى منصور , وقد تم الاتصال بالدكتور عماد حول تلك المخطوطة , وكلنا أمل ان تثمر هذه المحاولات , وان يصدر معجم المصطلحات الادبية الالماني – العربي بتأليف الاستاذ الدكتور علي يحيى منصور , وسيكون هذا الاصدار ( في حالة تحقيق اصداره ان شاء الله ) خير تخليد لواحد من علماء كلية اللغات .
ماري القطيفي
=========
وصلت السيدة الفرنسية ماري القطيفي الى بغداد في اوائل خمسينات القرن العشرين مع زوجها الدكتور عبد الحسين القطيفي , واصبحت مدرّسة اللغة الفرنسية في العراق , واستمرت بتدريس تلك اللغة طوال حياتها . ابتدأت ماري القطيفي بتدريس الفرنسية للملك فيصل الثاني , وقد أشارت الدكتورة مها السماوي في اطروحتها حول تاريخ تدريس اللغة الفرنسية في العراق ( والتي ناقشتها في السوربون هذا العام 2018) الى وثائق محفوظة – منذ خمسينات القرن العشرين – في وزارة الخارجية الفرنسية تتناول تلك الوقائع المرتبطة بتدريس اللغة الفرنسية للملك فيصل الثاني من قبل السيدة ماري القطيفي, وقد طلبت من الدكتورة مها السماوي – بمراسلاتنا الالكترونية – ان تنشر هذه الوثائق المهمة جدا, لانها تعد جزءا من تاريخ العراق الثقافي , الذي لا زال مجهولا لنا مع الاسف الشديد , وقد أخبرتني الدكتورة مها السماوي , انها تقوم الان بترجمة اطروحتها الى العربية واعدادها للنشر مستقبلا .
لقد التقيت بالسيدة ماري القطيفي شخصيا في اروقة كلية الاداب بجامعة بغداد في سبعينيات القرن العشرين , عندما كنا نعمل سوية في قسم اللغات الاوربية , حيث كانت هي ضمن تدريسّي فرع اللغة الفرنسية , وكان الجميع يشهدون بموهبتها وعمق معرفتها واخلاصها في عملية التدريس , وكان هناك بين اعضاء هيئة التدريس مجموعة من طلبتها السابقين , والذين كانوا يكنوّن لها الاحترام العميق , ويعتبرونها المرجع الرئيسي لهم في كافة الاشكالات الخاصة باللغة الفرنسية . لم تستطع السيدة ماري القطيفي – مع الاسف الشديد – ان تنتقل للعمل في كلية اللغات عندما انفصلا قسم اللغات الاوربية وقسم الدراسات الشرقية من كلية الاداب وشكّلا كلية اللغات عام 1987 , وهي الكلية التي كانت موجودة سابقا ثم الغيت وتم دمجها مع كلية الاداب نتيجة التخبط والقرارات العشوائية التي طالما عانى منها واقع التعليم العالي في العراق ومسيرته المتعثرة , ولكن اعضاء هيئة التدريس في قسم اللغة الفرنسية في كليّة اللغات كانوا يتذكروها دائما , وعندما احتفلنا في كلية اللغات بالذكرى الاربعين لتأسيس الكلية في العام 1998 , كان اسم ماري القطيفي ضمن التدريسيين الذين تم تكريمهم , ولم تستطع هي الحضورنتيجة وضعها الصحي الخاص , فكلفت من قام باستلام الجائزة الرمزية لها عندما اذيع اسمها في تلك الحفلة , وقد صفّقت القاعة كلها عندما اذيع اسم ماري القطيفي تحية لمكانتها العلمية وعرفانا بدورها المتميّز في تدريس اللغة الفرنسية في العراق.