بعد شق الأنفس والترقب المتوجس من المستقبل المجهول، ووسط صراع كبير مع جماعات الإرهاب التكفيري، من “داعش” ومن لف لفهم، طوية صفحة الحكومة السابقة وتجديد الولاية الثالثة، وأصبحت بكل ما حملته هذه التجربة على مدى 8 سنوات جزء من الماضي الحزين الذي يملئ الذاكرة العراقية لسنوات كثيرة.
اليوم فتحت صفحة جديدة من تأريخ العراق، صفحة بدأت بخطوة تغيير الوجوه والمنهج، كما طالبت به المرجعية الدينية منذ سنوات، خطوة يتأمل فيها المواطن ان يتذوق طعم الراحة، التي كاد أن ينساها، وأصبحت جزء من أحلام وردية بعيدة المنال .
فتكليف “العبادي” جاء كحل وسط بين أمرين لا ثالث لهم، أما ان تبقى الامور في طريق التعنت والتمسك، ليتجه العراق الى التشظي والتقسيم، وضياع تجربة سياسية مهمة لن تتكرر من جديد، وبين الخروج من هذه المحنة بأقل الخسائر وأكثر تماسك.
العبادي لن يكون الطريق أمامه معبد بالورود، رغم التأييد الشعبي والسياسي والاقليمي والدولي المنقطع النظير والذي لم يشهده رئيس وزراء منذ عام 2003 وحتى الآن .
فهناك تحدي أكبر، أن تجاوزه سيفتح الطريق لتجاوز باقي التحديات، الأمنية والاقتصادية والسياسية، فأختيار كابينة وزارية “تكنوقراطية” تستطيع النهوض بواجبات وزاراتها التي تحولت الى تجمعات عشائرية وحزبية ضيقة، ينتفع منها الانتهازيين الذين لم ينجحوا طوال سنوات الماضية، سيكون باب الفرج لجميع العراقيين، وسيلتمس المواطن في حياته اليومية تغير كبير يعيد وضع البلاد الى الطريق السليم.
لذا تعين على الفريق الأخر، ان يدرك ان مشروع العراق وبناءه، أهم من كل المصالح الضيقة والشخصنة، والتوحد تحت راية الوطن، هو من يرفع من الشأن ويعطي المكانة والجاه والمكسب، فالوقت حرج والتحديات كبيرة ومن يلتحق بالركب سيسجله التأريخ بأحرف من نور، ومن يتحجج ويبحث عن الثغرات لتعطيل العملية فهو بمثابة المنتحر سياسيين.
لننفتح على الجميع، ولنطبق سياسة “نحن” وننسى الأنا، ونستثمر التأييد الدولي الواسع، الذي حصلنا عليه، وندرك إننا وسط محيط، يحتاج الى طمأنة، وسياسة خارجية وإعلامية، قد يعود صداه بنبرات ايجابية، نتلمس واقعها على الأرض، خلال أشهر قليلة .