عندما يسألني أحدهم عن حالي؛ أجبه ب(نعمة), فيتبادر للذهن ان النعمة؛ هي المأكل والملبس والوظيفة؛ وما شابهها من متطلبات الحياة, ولم يعلم ان نعمة النعم؛ هي أن تعيش في حياة كريمة حرة, تشق فيها طريقك من بين ركام الماضي, ولا تتحقق النعم الا عندما يشكر الفرد ربه, وهذا ما أكدته الآية الكريمة؛ ((وبالشكر تدوم النعم)).
مر العراق في فترة حكم عصيبة؛ وحكومات متعاقبة سببت له ضيق في العيش الكريم, فلا ينسى أحدنا مدى المضايقة؛ التي عشناها في ضل حكومة البعث الجائرة, وأيقنت في صباي ان للجدران آذان صاغية لكلام عائلتنا؛ وتنقله الى السلطات, عندما يحذرنا والدنا من الكلام ضد سياسة الحكومة آنذاك, خوفا من ابادة عائلتنا؛ كما فلوها مع عائلة جدي؛ الذي سمعت آذان جدران الفرقة الحزبية كلامه؛ وليس آذان جدران غرفته فحسب.
بعد تلك الحقبة النتنة؛ بدأنا نشم رحيق الحرية, عندما أقبلت لنا لتكشف في طريقها عن عالم جديد, افتقده اجدادي وأقرانهم, فتلك الآذان انشغلت بالانترنيت والتصفح؛ وما عادت تنقل ما يدور في خلجات منزلنا؛ لا بل امتنعت من نقل ما نصرخ به ضد سلطات اليوم, فتحررنا من السكوت, وأمسينا ننتقد من نستفهم في أعماله بكل ثقة وحق.
آه آه لدماء جدي التي سالت؛ ولم ترى عبق الديمقراطية, التي نعيشها, فنحن اليوم لنا كلمتنا ونساهم في بناء دولتنا, وننتخب من نراه الأصلح, وعلى هذا استشهد جدي والملايين من هم على شاكلته.
اليوم وبعد اجتيازنا لمرحلة الضيق المجتمعي؛ وها نحن نعيش حياة كريمة ونصرخ بوجه من يعترضنا, وان شاب حياتنا بعض الامور؛ التي جاء بها سياسيون الصدفة, الذين تسببوا بنقص في الخدمات والوظائف, لكننا ها ننتقدهم ونوبخهم متى ما شئنا, وها هي النعمة بعينها.
ختاما: ما نحن عليه اليوم؛ دفعنا في سبيله دماء غاليات, فلا نفسد الدماء بنقد يتحول الى تسقيط وشتيمة, وليكن نقدنا نقدا بناءا؛ يرتفع الى مستوى الدماء الزاكيات, ولنشكره تعالى على نعماءه, ولنحقق الآية الكريمة في مطلع كلامنا, والسلام.