22 ديسمبر، 2024 1:37 م

نبوة محمد قبل البعث بين الواقع والوهم

نبوة محمد قبل البعث بين الواقع والوهم

رواية أقل ما يقال عنها أنها أغرب من الخيال ، وأبعد حتى عن الأسطورة ، وقريبة من الهلوسة ، هكذا هو أغلب التراث الأسلامي ، هلامي ليس له أساس ، مجرد من المنطق و العقلانية ، مجرد روايات تسطح وتجهل بها عقول المسلمين .
الموضوع : هل حقا كانت نبوءة محمد قبل الخلق ! هل كانت نبوءة محمد قبل أدم ! وهل كانت نبوءة محمد قبل بزوغ البشرية ! هذا ما سأبحث عنه في هذا المقال ، وهي مجرد أضاءة مقتضبة . فقد جاء في موقع / طريق الأسلام ، التالي ( عن العرباض بن سارية ، عن رسول الله أنه قال : « إني عند الله مكتوب : خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأخبركم بأول أمري : دعوة إبراهيم ، وبشارة عيسى ، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني ، وقد خرج لها نورٌ أضاءت لها منه قصور الشام » . وَفِي رِوَايَةٍ – مَتَى كُتِبْت نَبِيًّا ؟ فَقَالَ : « وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ » . كما قال النبي : « كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، عرشه على الماء » ، ومنها نبوته ، المكتوبة عند الله ضمن ما كتبه الله في الكتاب ) . أما موقع / الكلمة ، فانه يذهب أبعد من هذا ، فيبين التالي ( روى علي بن الحسن عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله : كنت نورا بين يدي ربي عز وجل قبل ان يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام : وروى عن كعب الأحبار قال لما أراد الجليل جل جلاله ان يخلق محمدا أمر جبريل ان يأتيه بالطينة البيضاء التي هي قلب الأرض وبهاء الأرض ونور الأرض قال فهبط جبريل في ملائكة الفردوس وملائكة الرقيع الأعلى فقبض قبضة رسول الله من موضع قبره وهي يومئذ بيضاء فعجنت بماء التسنيم وجعلت كالدرة البيضاء وغمست في كل انهار الجنة وطيف بها في السموات والأرض والبحار فعرفت الملائكة محمدا وفضله قبل ان تعرف آدم .. ) . والحديث التالي ، يبين أن محمدا هو ” أول الخلق ” ، فعن جابر بن يزيد قال : قال لي أبو جعفر : يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمداً وعترته الهداة المهتدين ، فكانوا أشباح نور بين يدي الله ، قلت : وما الأشباح ؟ قال : ظل النور ، أبدان نورانية بلا أرواح .. / الكافي ج 1 ص 442 . ورواه البحراني في حلية الأبرار ج 1 ص 19 . ومن مدونة / رمح السنة ، أنقل الحديث التالي وبأختصار ( تخريج حديث : “ كتبت نبيًا ، وآدم بين الروح والجسد” ، قالوا : يا رسول الله متى وجبت لك النبوة ؟ قال : ” وآدم منجدل في طينته ” ، يروى من حديث أبي هريرة ، وميسرة الفجر ، وعبد الله بن عباس ، والعرباض بن سارية ، ومن مرسل مطرف بن عبد الله بن الشخير ) .
القراءة : أولا – لا بد لنا أن نقر أنه هناك تعظيم وتمجيد لمحمد في القرآن ، ولكن هذا لا يعني أن محمدا كان مقدسا ! ، ولم يكن هناك أي نصا قرآنيا يفيد بتقديس محمد ، بالرغم من كم النصوص القرآنية التي نزلت بحقه ، ومنها : ( ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى / 3 ، 4 سورة النجم ) ، ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ / 107 سورة الأنبياء ) و ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ / 4 سورة القلم ) . وفي الأحاديث أيضا هناك تفضيل لمحمد عن سائر المرسلين والأنبياء والملائكة ( عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله : ما خلق الله خلقاً أفضل مني ولا أكرم عليه مني ، قال علي فقلت يا رسول الله فأنت أفضل أم جبريل ؟ فقال : يا علي إن الله تبارك وتعالى فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين وفضلني على جميع النبيين والمرسلين / نقل من موقع الكلمة ) ، هذا أولا ، لكي يكون تأسيسا للموضوع .
ثانيا – أما أن نوره / أي محمد ، كان قبل أدم ! ، فهذه معلومة يجب التوقف عندها ، فلم هذا النور تأخر كل هذه السنين الى أن بلغ محمد الأربعين من عمره لتظهر هذه النبوءة ، والتي تضاربت الروايات أيضا في تحديد توقيتها ، فهل كان نور محمد قبل خلق الله للخلائق / أدم .. ، ب 15 ألف سنة أو ب 50 ألف سنة ! ، ومن حدد أو عرف خلق الله للخلائق بكذا ألف سنة ! ، وهل هناك من نص قرآني تام و جلي بهذا الأمر . أما بشأن دعوة أبراهيم بخصوصه ، فليس من دليل على ذلك ، أما بصدد بشارة عيسى لمحمد ، فلا ندري وفق العقيدة المسيحية من بشارة لمحمد في أنجيل المسيح ، ولا وجود من شخص يدعى عيسى في الأنجيل ! . أما رواية أمه ، فمتى روت آمنة لمحمد ، وعمره حين وفاتها كان لا يزيد عن 6 سنوات ( ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني ، وقد خرج لها نورٌ أضاءت لها منه قصور الشام ) ! ، وهنا نتساءل أن محمدا ” وُلد بمكّة المكرمة في شِعِب أبي طالب ، ويُسمّى أيضاً بِشِعب بني هاشم ؛ لحصار قُريش لبني هاشم / نقل من موقع موضوع ” ، والسؤال لم أنيرت قصور الشام ! ، ولم تنار مضارب مكة التي ولد بها محمد ! – وذلك حتى تكون علامة على عظمة هذا المولود ، وهل من شاهد رأى قصور الشام وهي منيرة ، وهي تبعد عن مكة مئات الأميال ! .
ثالثا – ولو كان الأمر كذلك من عظمة هذا الرسول ، قدما في النبوة ، ونوره لدى الله قبل الخلائق ، لم النص القرآني يشير الى أن محمدا كان بشرا عاديا حاله حال باقي قومه ، وعلى لسانه قال ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ .. / 110 سورة الكهف ) ، ولكن من الممكن أن التراث الأسلامي أراد أن ينهج نهج اليهودية والمسيحية في وضع هالة معينة أو صفة مميزة لأنبيائهم ، فكان موسى يدعى كليم الله ( وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا / 164 سورة النساء ) ، وكان المسيح يدعى روح الله ( إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ / 171 سورة النساء). ولأجله وردت هذه الأحاديث حول عمق نبوءة محمد ، ليصبح حاله حال موسى والمسيح ، في التميز ، كأول الخلائق نورا .
أضاءة : 1 . أن كل ما ذكر أو روي بصدد نبوة محمد ( أني خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأخبركم بأول أمري : دعوة إبراهيم ، وبشارة عيسى ، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني ، وقد خرج لها نورٌ .. ) ، هو مجرد أدعاء من قبل محمد ، ليس من قرائن أو حجج أو دلائل عليها ، لأنه يتكلم عن ذاته ، وليس هناك من طرف أخر – محايد ، يتكلم عنه / كتب أو أفراد . ولو أخذنا المسيح كمقارنة ، لرأينا هناك عدة شواهد على سيرته ، وما جرى بها من أحداث ، ففي العهد القديم ، مثلا ( التنبؤ بأنه يصلب مع أثمة : اشعيا النبي 53: 12 ، التنبؤ بأن ستثقب يداه وقدماه : مزمور 22: 16 ، التنبؤ بأنه يصلي لأجل أعدائه:مزمور 109:4 ، التنبؤ بقيامته من بين الأموات :مزمور 16:10 ، التنبؤ بصعوده:مزمور 68:18) .
2 . أن ربط نبوة محمد بهذا العمق الأسطوري من القدم ، يؤشر على مدى توظيف الخيال والخرافة من أجل أعطاء هذه النبوة قيمة أعلى من غيرها / كنبوة موسى ويوحنا والمسيح ، ولكن كالعادة يتقاطع التراث الأسلامي مع العقل والمنطق ، فالتراث الأسلامي يغرد في جوانب تبين مدى ضحالة الوعي المجتمعي لدى صحابة محمد وأتباعه في تلك الحقبة الزمنية الضبابية من الأسلام المبكر .