18 ديسمبر، 2024 6:46 م

نبوءة العم خليل المفتي!

نبوءة العم خليل المفتي!

غادر عمي خليل العراق ١٩٦٨ بعد حكم غيابي بالإعدام صدر عليه تاركا املاكه وبيته في المدينة التي يعشق، بغداد.
كنت اسمع عنه وعن علاقاته مع شخصيات مرموقة على كافة الأصعدة الأدبية الفنية السياسية لهذا كنت اراه احد رموز المعارضة لأنه من اوائل الناس الذين اضطهدوا وحرموا من وطنهم.
التقيت به في الاردن في بداية التسعينات في حفل زفاف عائلي بعد غياب دام أكثر من عقدين. دعانا اليه الخال نزار النقيب بمناسبة زواج ابنه في عمان وكانت فرصة لألتقي بكثير من الأقارب لم أكن قد التقيتهم من قبل. في المساء كنا نجتمع وكان معنا الأقارب وكثير من الشخصيات التي كانت تأتي لزيارة العم خليل أو الخال نزار. مهما كان الموضوع المطروح كان الحديث يعرج بنا الى مستقبل العراق، في احد الأيام ذكر عمي اسماء كثير من اهم شخوص المعارضة العراقية الذين كنت انتظر تصريحاتهم بفارغ الصبر وأؤمل النفس بأنهم سيقودون العراق الى مرفأ النجاة.
سالت عمي – ما هي نشاطاتك مع المعارضة العراقية. ضحك عمي من سؤالي.
ابني اعرفهم ويزوروني جميعا، لكنني لست معهم. كانت مفاجئة كبيرة بالنسبة لي كيف يمكن لعمي المحطوم ظلما من قبل النظام البعثي لا يعمل على خلاص العراق منه.
كيف أنت لست معهم؟ تسرعت بالسؤال من دهشتي وخيبة أملي.
في يوم من الايام جاءوا مجتمعين ينوون مفاتحتي بالانضمام اليهم.
فسالتهم انضم الى من؟ اجابوني الى المعارضة العراقية.
سالتهم مستفسرا – عندما تصبحون معارضة حينها سوف انتمي اليكم.
ماذا نحن الان؟
انتم معاضضة. سالني كبيرهم لماذا؟
لانكم ما ان تخرجون من عندي تعودون فرادى لتنتقدوا بعضكم والموضوع الاهم وعندما ترمى لكم عظمة من انكلترا او امريكا تقطعون بعضكم عضا فماذا ستفعلون بخيرات العراق. لهذا انتم معاضضة ولستم معارضة.
ضحكوا جميعا لأنها الحقيقة.
من منهم فيه امل؟
اجابني بلهجته الموصلية التي لم تغيرها سنوات الغربة ” مكلبي” وضحك ساخرا من الوضع وأكمل حديثه.
لو لا قدر الله وحكمت هذه المجموعة العراق فسيقطعونه بأسنانهم عضا ويقطعون بعضهم بعضا فيضيع العراق وشعبه. استفسر احد الأصدقاء – لماذا لا تصلحون مسارهم؟
أولا الإصلاح ليس مشروعهم وليس في صالحهم، وثانيا لا يوجد الكثير ممن يقول للأسد رائحة فمك كريهة.. ضحك الحضور.
سيبيعون خيراته بالتجزئة لكل من يدفع حتى تنفذ فيقتلون بعد ذلك بعضهم بعضا. واتمنى أن لا أرى ذلك اليوم. كانت هذه آخر كلمات عمي التي اتذكرها في ذلك اللقاء.

صدقت يا عماه! فعلا باعوا العراق وصادروا البوصلة الوطنية فضاع الوطن وشعبه، واليوم يعضون بعضهم بعضا.