23 ديسمبر، 2024 5:44 ص

نائل المرزوقي : شرارة فتحت صندوق الفكر الفاشي والعنصري وسوء ادارة الدولة الفرنسية !

نائل المرزوقي : شرارة فتحت صندوق الفكر الفاشي والعنصري وسوء ادارة الدولة الفرنسية !

في صباح يوم 27 حزيران 2023 قتل نائل المرزوقي المنحدر من اصول جزائرية في مدينة نانتير غرب العاصمة باريس على يد الشرطي فلوريان بسبب تفتيش مروري , ولكن بقتله اشتعلت شرارة الاحتجاجات في باريس وضواحي عديدة في فرنسا , فضلا عن الانتقادات للعنصرية المتجذرة في سلك الشرطة التي ساهمت في الاحتجاجات ,
وكشفت حادثة القتل عن الأفكار الفاشية والعنصرية الممنهجة التي تميّز بها سلك الشرطة الفرنسية بتأييد ذلك من قبل الأمم المتحدة , وعلى رأس الذين تبنّوا هذه الأفكار هو وزير الداخلية جيرالد دارمانان و رئيس كتلة حزب الجمهوريين برونو روتايو عندما صرّح الأخير من ان المشاركين بالاحتجاجات هم فرنسيون على بطاقة الهوية حسب , إلا انهم عملوا بأصلهم , وهذه ادق كلمة للعنصرية التي تبناها رئيس الكتلة .
اما وزير الداخلية الذي وعد باستئصال المتطرفين والبرابرة ويقصد بهم العرب المسلمين المنحدرين من الأصول الجزائرية والتونسية والمغربية , فقد كشف عن فاشيته عندما حثَّ الرئيس ماكرون على استخدام القوة وزيادة عدد الشرطة القمعية لفضّ الاحتجاجات وفرض القانون , وهو بهذه الفكرة عزز من انتشار الاسلاموفوبيا الموجودة اصلآ في فرنسا بفضل صعود اركان جديدة من اليمين المتطرف على حساب المسلمين وهم ;
الرئيس السابق ساركوزي والحالي ايمانويل ماكرون وفاليري بيكريس ومارين لوبان والكاتب اليهودي الملحد إيريك زمور الذي ملأ الصحف الفرنسية بالمقالات السياسية التي تنبذ المسلمين وقيمهم الدينية حتى ذاعت شهرته بفكرة ” الأسلمة ” وخطرها على فرنسا . وهؤلاء جميعا آمنوا بشعار ” لن يحلّ المهاجرون محلنا ” و ” لن نعطي ارضنا ابدآ للغزاة ” ,
التي الهمهم بها السياسي القومي جان رينو غابرييل كامو صاحب مفهوم ” الاستبدال العظيم ” , وكذلك بفضل العنصرية والإقصاء لبعض الشرائح المجتمعية بحجة ان المسلمين هم الذين يغذون التطرف بدلا من القاء اللوم على التبريرات السياسية الفاشلة والمكلفة التي تلجأ اليها الحكومة الفرنسية وتموّلها الضرائب المفروضة على المواطنين .
كان من الواجب ان ينصب عمل الحكومة الفرنسية على اصلاح سلك الشرطة من الناحية الفكرية لتضييق الهوة بينهم وبين الشعب الفرنسي الذي يراهم يتعاملون مع الافراد اثناء التدقيق والتفتيش على جوانب الطرق السريعة بالتمييز بين الوانهم العِرقية وبطاقة السكن على مدى اربعين عاما ,
وتقليل السلطات الواسعة الممنوحة للنقابات في الادارة المشتركة للشرطة وخاصة في فرض هيمنتها على الضباط من خلال الصلاحيات التي تملكها في ترقيتهم وسلطتها في تعيين وزراء الداخلية , وكأنها منفصلة تماما عن السياق القانوني في الترقية والترفيع .
ان عقلية اليمين المتطرف المهيمنة على سياسة ادارة الدولة بالداخل اثبتت انها تشبه العقلية الفاشية الالمانية والايطالية والإسبانية في عهد فرانكو , كونها تسمح بالقتل او الخنق عند التفتيش والتدقيق عن الأوراق الثبوتية ومتأثرين كذلك بسلوك الشرطة الأمريكية العنصرية , وخاصة لسكان الأحياء الفقيرة أيا كان نوعها , فالحكومة على سبيل المثال استنجدت بالشرطة الصهيونية لمساعدتها في تقديم المشورة عن الوسائل القمعية المستخدمة مع الشعب الفلسطيني , لتستخدمها مع المحتجين الفرنسيين .
الى هذا الحد وصل الانحدار في سوء إدارة الدولة من خلال اللجوء بعقول مظلمة الى الكيان الصهيوني الزائل لمساعدتهم مستغلين في ذلك الجذور الصهيونية لوزير الداخلية , وهذا من ناحية اخرى يمثل تعاونا استراتيجيا لا صعوبة في كشفه بين فرنسا ودولة الكيان وعن وجود صلات ووشائج تربط الشرطة الفرنسية بأجهزة الأمن الصهيوني ,
من الواضح ان الاحتجاجات بيّنت للعالم ان العقلية الفاشية لأركان اليمين المتطرف في فرنسا على الرغم من التباين بالعصر بينهم وبين اركان الفاشية الألمانية والإيطالية والإسبانية , إلا انها مستقاة من العصور التي كانت تحكم بها شعوبهم , فالحكومة منذ 2017 وهي توسّع ظروف استخدام الشرطة للسلاح الناري ضد المحتجين , مبيّنة ان القوة وحدتها هي التي تجابه قدرة المحتجين الوحوش الذين يحرقون المباني والمنشآت الحكومية , كما اسمتهم على لسان برونو روتايو .
بهذا التحلل من المسؤولية والانتقادات اللاذعة لإدارة ملف الشرطة من دون ادنى تنوير بالقيم الإنسانية المطلوبة وادنى محاسبة او معاقبة من يجرؤ على خرقها وامتهانها بالقوة , وبالحبل المقطوع بين الحكومة والشعب لا يمكن تجسير الهوّة التي صنعتها بين الشرطة والشعب ايدي اليمين المتطرف منذ صعوده الى السلطة ابتداءً من الرئيس سركوزي الى الرئيس ماكرون ,
وستكون فرنسا مقبلة على نقطة تحول إما الى دولة تلتهمها العنصرية لتكون موازية لدولة الكيان الصهيوني بلا مُثل عليا وذات نزعة عدوانية ضد الإسلام الذي سينقلب حتما الى معاداتها , وإما الى دولة تنبذ العنف وانتهاك حقوق الإنسان وتفرض عدالة القانون والسلام بين الشعب لتبدأ عصرا جديد ,
لأن العنصرية والفاشية قد بدأتا بالتغلغل عميقا في وعي قادة الأحزاب والحركات السياسية وانجراف هؤلاء القادة الى أفكارها التي يكيّفونها لأهدافهم السياسية على حساب الموازنة بين مطاليب الشعب والتجارب الإنسانية السابقة البعيدة عن التطرف من ناحية , وبهذا الاصطفاف الذي وقفت به قوى التطرف الفرنسية مع العنصرية والفاشية قبل الحرب الروسية – الاوكرانية ,
ستُمنح القوى المتطرفة القادمة على حكم فرنسا صفة الوريث لهما وسيكون مواقفها مع قضايا العرب والمهاجرين كمواقف دولة الكيان الصهيوني مع الفلسطينيين لأنهم راكعين لإرادة الصهيونية – المسيحية وينالون الدعم والتشجيع من قادة الانظمة الغربية العنصرية وعلى راسهم امريكا بسبب دونيتهم وسطحية علاقاتهم السياسية مع العرب .