“يرى الطغاة، أن صنع سجن كبير للشعب أمر سهل، معتقدين أنه المكان الوحيد لضمان جبروتهم، غير مدركين لحقيقة كبرى وهي طاقة السجين الحر التي لا تنضب أبداً، تمثل سر خلوده في الحياة والممات، ويكتسب الدرجة القطعية في الولاء والعقيدة للوطن”، خصوصاً مع تناغمها لمبادئ القضية الإنسانية العظيمة، وهي كرامته وحقه في العيش الكريم.
ليس كل ما تراه أنت، يكون بالضرورة مقبولاً عند الآخرين، وهذا أمر طبيعي، لكن هل سينطبق الأمر نفسه على الحكومة العراقية وهي تعيش الفوضى السياسية الراهنة؟!
الإصلاح الحقيقي قلناه، ونعيده ألف مرة عسى أن يفهموا معناه، وهو التغيير الجذري للوجوه الفاسدة، ومحاسبتها، وهدم الدولة العميقة التي أسسوها، من قبل زمرة الفاسدين، حين تسنموا مناصب، بدءاً من مدير عام، وهيئات مستقلة، الى وكيل وزير، فصنعوا عصابات منظمة وحيتان لسرقة أموال الشعب، وأصبحوا بنياناً مرصوصاً أسه المال الحرام، أحدهم يحمي الآخر ويتستر عليه، فعند محاسبتهم سيتهدم بنيانهم، وتُقص أجنحة الأحزاب، والوزراء الفاسدين، وستكون الوزارة نقمة عليهم وليس نعمة.
حكومة الكاظمي نموذج غريب ليست ككل الحكومات السابقة، إنها تحارب الفساد ولكن بطريقة العقاب للشعب، وكأن البسطاء من عامة الناس هم الفاسدون، والأقوال تأتي عارية عن الصحة والصدق، في حال عدم تغيير الوضع، من الضراء الى السراء، بيد أن ما شهده العراق، في الوقت الحالي وهو يسير من السيء الى الأسوء، ثم الأكثر سوءاً، فالذي حصده العراق هو استقطاع مرتقب للرواتب عن جميع الفئات الكادحة، والتلاعب بسعر الدولار ورفعه دون مراعاة وضع الفقير، وتأثيره على الأسعار للسلع الاستهلاكية التي تمس حياة المواطن بكل تفاصيله، وانقطاع شبه مستمر للمنظومة الكهربائية، كأننا عدنا الى أول شهور العام (2003) والكيل بمكيالين في ساحات التظاهرة، وفقدان الأمن والإغتيالات والخطف.
سؤال كبير بحجم مصيبتنا: ماذا قدمت حكومتنا وماذا ستقدم في ظل هذه الفوضى المخزية؟ وهل هو تمهيد جديد من قبل الحكومة لعودة الفاسدين مرة أخرى للسلطة؟ على “حكومتنا” أن تعي إن الحقد الأسود يملأ قلوب ساسة الفساد، رغم سرقاتهم على حساب راحة الوطن، وصرخاتنا تحمل في باطنها ألم لا يطاق، ولا نملك اليوم سوى أوجاعنا، ومعاناتنا، وأحلامنا فلا تقتلوها بمؤامراتكم الخبيثة.
عندما تؤذن الأرض بالفجيعة، وتجدها مغلوبة على أمرها، فلا بد لها من رجال تحيي إرثها، وتشحذ هممها، وتطالب بمستقبلها المجهول، الذي عبثت به أجندات الفاشلين، والخونة، والسراق من حكومات لا تعرف معنى الديمقراطية، حيث الشعب يعيش كابوساً حقيقياً ومرعباً.
ختاماً: منذ أول حكومة بعد تغيير(2003) كتبوا لافته كبيرة كتب عليها ” نأسف لخدمتكم يسعدنا إزعاجكم” وقد توارثتها جميع الحكومات حتى وصلت الى الكاظمي، وما زلنا نتأمل ان تأتي حكومة الأحلام من رحم معاناتنا وتمزيقها.