التجارة بالدين مرفوضة شرعا، ومنبوذة فطرة لذوي الفطرة السليمة، ومذمومة عقلا، وممقوتة أخلاقا، لأن الدين عبادة وعمل ، والعبادة يجب أن تكون النية فيها خالصة لله تبارك وتعالى، فلا يجوز أن يتخذها أحد وسيلة إلى تحقيق المكاسب الدنيوية، ولولا تفشي الجهل في المجتمعات، لما استطاع المتاجرون بالدين ان يمرِّروا أجنداتهم ومشاريعهم ومكرهم وخداعهم، لأن المجتمع الذي يسوده الجهل تكثر فيه التجارة بالدين…
ولقد تعدد مظاهر الاتجار بالدين منها الاستغلال السياسي للدين ونعني به استغلال الدين للوصول للسلطة والحكم، والاستغلال الاقتصادي حيث تسلب وتسرق الأموال تحت غطاء الدين، وتتسع دائرة المتاجرة بالدين لتشمل الأرواح والدماء والأموال فتُزهَق الأرواح وتُسفَك الدماء وتُنهَب الأموال وتسقط البلدان، باسم الدين وبفتاوى رجال الدين من أئمة وخلفاء وقادة يتسترون بالدين، عبر الصراعات والنزاعات والحروب السلطوية والمالية والطائفية وغيرها التي يشعلوها، وهذا اللون من الاتجار هو الأخطر على المجتمعات والأوطان وهو السائد على المسرح قديما وحاليا، والتاريخ حافل بها ومنها ما كشف عنها أحد المحققين المعاصرين حيث قال: ومما يذكر في الكامل لابن الاثير ان صلاح الدين ترك مقاتلة الصليبيين وهادنهم، نظرا لطلب القائد نور الدين صاحب ديار بكر، والذي أغرم بمغنية تحكمت به وبخزائنه وبلاده، بعدما كان متزوجا من ابنة الملك قلج ارسلان، فأعرض عن ابنة الملك ومال الى المغنية فلما توجه الملك قلج ارسلان الى نور الدين استنجد الاخير وبعث الى صلاح الدين ليساعده فترك صلاح الدين مقاتلة الفرنج وهادنهم وعاد لاجل نور الدين المغرم بالمغنية فأي مفخرة تكون بمثل هؤلاء القادة ؟!، فهذا الفعل من صلاح الدين قبيح ولا يليق بمثله من ان يترك مقاتلة الفرنج ويهادنهم ويجيش الجيوش لاجل مغنية !!وقال المحقق لافتاً:لاحظ: هذه قضية شخصية، قضية زواج، قضية امرأة، قضية خلاف عائلي.. شخصي.. مناطقي.. مصلحي.. نفعي.. غرامي! عبر بما تشاء،لكن ماذا فعل صلاح الدين؟ استجاب لطلب نور الدين العاشق فهادن الفرنج، انتبه هادن الفرنج وذهب إلى تلك البلاد استجابة لطلب نور الدين.
الإتجار بالدين بلغ ذروته القصوى في هذا الزمان وخصوصا في العراق حيث استُخدم الدين لتحقيق المصالح الشخصية وتنفيذ المشاريع الشيطانية مما ادى الى هلاك المواطن ودمار الوطن، حيث الفقر والحرمان والحروب والصراعات وتكريس الأنشقاقات وإشعال الفتن.