لست ضد التغيير الذي حصل مؤخرا في مضامين واشكال البرامج التلفزيونيه لقناة الحره عراق لقناعتي المطلقه بان اي تغيير انما يسعى الى الارتقاء بالاشياء وجعلها اكثر قرب واكثر تاثيرا واكثر منافسه مع ما يشابهها من اشياء. ولعل اول مايحسب للاداره الجديده هو قيامها بهذه الخطوه التي تاخرت كثيرا اذ تقاعست الادارات السابقه عن القيام بهذه الخطوه مما ادى الى نزول هذه القناة من اعلى السلم الى اسفله ولاسباب لايتحملها العاملون في مكتب بغداد لوحدهم كما يعتقد البعض وسنتطرق الى هذه الاسباب لاحقا . ولكني اؤمن ان اي تغيير في البرامج التلفزيونيه لا ياتي بثماره ما لم يخضع لدراسه ميدانيه للوقوف على حقيقة نسبة المشاهده لهذه البرامج وبالارقام وكذلك الوقوف على اراء المشاهدين في تطوير هذه البرامج . وللاسف الشديد ان ما شاهدته من تغيير في برامج قناة الحره العراق يكشف عن عدم خضوعه لمثل هذه الدراسه وهذا لايعني ان كل ما جاء من تغيير في برامج هذه القناة كانت نتائجه سلبيه او غير مناسبه. فحذف بعض البرامج من الخارطه كان ضروره ملحه ولا اشكال فيه لما وصلت اليه هذه البرامج من مستوى للحد الذي باتت اعراض مرضها واضحة امام الجميع . ولكن بالمقابل هناك من البرامج لايمكن حذفها دون استحداث برامج بديله عنها تحمل نفس الاهداف مع العلم ان من بين هذه البرامج ما يتمتع بمشاهده عاليه جدا من قبل العينه التي تستهدفها. وساختصر الحديث هنا على برنامجين فقط لاهميتهما الكبيره , الاول برنامج ابواب الذي اجد فيه ومن خلال متابعتي المستمره للبرامج الثقافيه في جميع القنوات العراقيه البرنامج الاول ودون منافس فهو يتربع على عرش البرامج الثقافيه منذ انطلاقه في نهاية العام 2004 وللحظة ايقافه , وسنويا يتم الاحتفاء بهذا البرنامج وتكريم العاملين فيه من قبل اكبر المؤسسات الثقافية في العراق .فرغم تعاقب اكثر من مقدم عليه الا انه ظل ممسوكا بيد معد له مكانته في الوسط الثقافي ومتمكن من ادواته فضلا عن حرصه اللا محدود على برنامجه الذي استمر دون توقف لمدة اكثر من ثلاثة عشر عاما دون اي تدني في المستوى. ومازلت اتذكر جيدا ابداء رأيي بالمخطط الاولي للبرنامج عندما سلمني اياه مدير المكتب المرحوم احمد المهنا وكنت قد حملته معي الى البيت وعند اطلاعي عليه وجدت نفسي امام برنامج ثقافي يختلف عن جميع البرامج الثقافيه في الفضائيات العراقيه وسرعان ماأتصلت هاتفيا بالمرحوم المهنا واتذكرجيدا انني قلت له ( لو استطعنا ان ننفذ 75% من هذا المخطط سنكون قد انتجنا برنامجا ثقافيا متميزا ) وهكذا كانت النتيجه فقد حقق برنامج ابواب نجاحا متميزا في الوسط الثقافي منذ الحلقه الاولى واستمر الى حلقته الاخيره. وهذا ليس رأيي الشخصي وانما رأي اغلب المثقفين في العراق ان لم اقل جميعهم.
فكيف يستغنى عن هذا البرنامج في قناة اسست لتساهم وتواكب النظام الديموقراطي في العراق الجديد؟ وهل للنظام الديموقراطي ان يكون وينمو ويتطور بدون ثقافه ؟ وعليه اجد في عودة برنامج ابواب حاجه وضروره في ان واحد فلا يمكن ان اتصور قناة تلفزيونيه تحمل اسم العراق وهي تخلو من البرامج الثقافيه .
اما البرنامج الثاني الذي تم حذفه من الخارطه رغم اهميته هو برنامج بالعراقي . وبداية اقول انا مع حذف هذا البرنامج لما وصل اليه من تدني في المستوى على صعيدي الشكل والمضمون ولكني لست مع عدم استحداث برنامج سياسي يحل مكانه, اذ ليس من المعقول ان تقدم القناة ثلاث نشرات اخباريه في مدة ست ساعات ( في الساعه الرابعه والسادسه والثامنه مساءا ) دون ان يعقب احدى هذه النشرات برنامجا سياسيا يعنى بالتحليل والاطلاع على الاراء في الاحداث السياسيه المهمه التي تمتلئ بها الساحه السياسيه العراقيه !! وكان بالامكان الابقاء على برنامج بالعراقي بعد معالجة الاسباب التي ادت الى تدني مستواه شكلا ومضمونا والعوده به الى المستوى الذي كان عليه في سنواته الاولى, اذ يعد هذا البرنامج هو الاول من بين البرامج السياسيه التي قدمتها قناة الحره عراق ويعود تاريخه الى عام 2004 وبذلك يكون البرنامج السياسي الاول من حيث العرض من بين البرامج السياسيه في الفضائيات العراقيه واجد ان هذه الاسباب التي ادت الى نزول البرنامج وتغيير اتجاهه وفقدان تاثيره قابله للمعالجه, واذا كانت الاداره الجديده ترى عكس ذلك فاننا نجد من الضروري جدا استحداث برنامج سياسي بدلا عنه. واذا كان استقرار خارطة البرامج على وضعها الجديد يحول دون تقديم برنامج بالعراقي وبشكل جديد او برنامج سياسي اخربديلا عنه فان بالامكان حذف احدى النشرات الاخباريه لياخذ هذا البرنامج مكانه الطبيعي رغم اننا نطالب ان يكون وقت البرنامج السياسي في الوقت الذهبي كما كان عليه طيلة الاربعة عشر عاما!!
ان التغيير الذي حصل في برامج قناة الحره عراق اعتمد على اداة واحده فقط وهي اداة الحذف , في حين ان اهم اداة من ادوات التغيير هي اداة التطوير وخاصة مع البرامج الثابته والمهمه , ولم ياخذ هذا التغيير بنظر الاعتبارالبرامج التي تحضى بالمشاهده في القنوات العراقيه الاخرى لكي يتم استحداث برامج منافسه لها ومثال ذلك ان اغلب القنوات العراقيه المهمه تتنافس فيما بينها في البرنامج الميداني المباشر الصباحي ومن هذه البرامج ( برنامج ناس وناس وحديث الناس وكلام الناس وهموم الناس ..الخ )وكذلك البرامج الرياضيه مثل ( ستوديو الجماهير وصوت الملاعب وكووره والشوط الثالث والحكم الرابع وبالسنتر…. الخ) وكل هذه البرامج يوميه وليست اسبوعيه فضلا عن التنافس الكبير في البرامج السياسيه التي تعرض في نفس الوقت وبالتحديد بعد اخبارالساعه الثامنه مساءا. وكذلك كان على القائميين على هذا التغيير ان ياخذوا بنظر الاعتبار البرامج غير المتوفره في القنوات العراقيه لكي تنفرد بها قناة الحره ومثال ذلك الافتقار الواضح للبرامج الوثائقيه وبرامج المسابقات والمنوعات فضلا عن افتقار جميع القنوات العراقيه الى الاعمال الدراميه .
والسؤال الاهم هل ستحضى قناة الحره عراق بعد هذا التغيير بنسبة مشاهده مقبوله من قبل المشاهدين في العراق كونها قناة تحمل اسم الحره عراق؟
رغم ان الاجابه على هذا السؤال تحتاج الى اجراء دراسه علميه استطلاعيه , الا انني ومن خلال اطلاعي على مضامين البرامج الجديده وخارطة البث واطلاعي ايضا على طبيعة المشاهد العراقي وما يفضله من برامج اقول وبكل صدق كلا وستكون القناة بعيده عن المشاهده . ولذلك اجد من الضروري جدا ان تقوم قناة الحره عراق بفتح ابوابها من جديد قبل ان يغلق بابها الرئيسي .