18 ديسمبر، 2024 10:16 م

يبدو أن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أجاد تطبيق المثل الشعبي الشائع “تغدّى به قبل أن يتعشّى بك” في مناوراته السياسية للتقرّب إلى خصومه بعد محاولات التفرّد بالقرار السني والخروج من السِرب الذي أدى إلى تزايد النقمة عليه من قبل قادة المكون في طائفته ومحاولات البعض منهم التوافق والإتفاق مع الإطار التنسيقي لإيجاد بديل لكرسي رئاسة البرلمان الذي يشغله الحلبوسي لدورتين متتاليتين، خصوصاً مع وجود أرضية خصبة للتغيير يقودها نوري المالكي زعيم دولة القانون، الذي لم تغب عن ذاكرته تحالف محمد الحلبوسي مع غريمه مقتدى الصدر ومسعود البارزاني لتشكيل تحالف إنقاذ وطن الذي كان يرفع شعار حكومة الأغلبية لتشكيل الحكومة ومحاولاته كسر شوكة الحلبوسي إنتقاماً من ذلك التحالف الذي كان يُعارض المالكي.

إسقاط الصبي البهلوان أصبحت مسألة وقت، هو مُلخص القرار الذي إتخذه بعض القادة في الإطار التنسيقي لإسقاط الحلبوسي عندما كانت تغريدة أبو علي العسكري القيادي في كتائب حزب الله العراقي من أن نهاية سلطة الحلبوسي باتت وشيكة، مُلمّحاً إلى الرغبة بإزاحة الحلبوسي مع آلية الإستقالة التي رماها الإطار التنسيقي في مرمى البيت السني.

إلا أن الحلبوسي وعلى مايبدو أدرك اللعبة جيداً فمارس سياسة إستباق الأحداث قبل وقوعها عندما بادر إلى سلسلة من لقاءات الصلح مع معارضيه إبتدأها مع الشيخ حاتم سليمان أمير قبائل الدليم بواسطة أحمد أبو ريشة، ولتستمر محاولات التراضي وتتسرب منها هذه الأيام مع جمال الكربولي زعيم حزب الحل الذي تُشير مصادر سياسية إلى حراك سياسي يقوده رئيس البرلمان العراقي وخميس الخنجر رئيس تحالف السيادة للصلح مع خصومهم لتوحيد البيت السني، حيث إشترط الكربولي عدة شروط مقابل موافقته على الصلح منها إعادة توزيع المناصب في الأنبار والمحافظات ذات الغالبية السنية، وإطلاق المشاريع في المناطق التي تحت وصاية الكربولي، وصياغة إتفاق جديد بشأن الإستحقاقات الإنتخابية المقبلة.

يبدو أن سلسلة من لقاءات الصلح تواصلت في الأنبار كان من ضمنها المصالحة مع محافظ الأنبار علي فرحان الدليمي وبعض من شيوخ الأنبار المعارضين، حيث أن هناك مساعٍ لتوحيد الجبهة السنية بدأها الحلبوسي ويُشاركه خميس الخنجر لترتيب الوضع السني القادم، من الواضح انه سينضم إلى تلك الجبهة نواب ديالى الذين إنشقّوا عن تحالف السيادة وكذلك النائب مشعان الجبوري.

وتشير المصادر أن الحراك لن يتوقف على المُنشقين، بل سيمتد إلى نواب تحالف عزم برئاسة النائب مثنى السامرائي الذي كان يوالي الإطار التنسيقي في تحالفه.

توحيد البيت السني هو ماسيوقف التراشق الإعلامي بين الأطراف المختلفة كبداية حسن نية، خصوصاً بين الحلبوسي والإخوة الكربولي الذين يملكون قناة فضائية (دجلة) كانت قد أعلنت عن إنتاج مسلسل بعنوان (دهن حر) وهو إيحاء ضمني لتوصيف ونقد رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، حيث سيتوقف عرض هذا المسلسل بعد تعهد دفع تكاليف وخسائر المسلسل من قبل صندوق الحلبوسي مع ضمان عدم عرضه أيام شهر رمضان من على شاشة الفضائية.

كل الأحداث والوقائع تدل أن الحلبوسي بدأ حراكاً يستبق به القوى التي تُريد إسقاطه بخطوتين تجعله يتغدّى بهم قبل أن يتعشّوا به، لكن حلبة السياسة في العراق لاتُعرف نتائجها ولايمكن تقدير الفائز من الخاسر سوى إنتظار نهاية اللعبة، خصوصاً إذا كان العامل الخارجي حافزاً وفاعلاً في المشهد السياسي العراقي، ليبقى المواطن بإنتظار خاتمة المسرحية، أبطالها وفصولها تحكي حكاية عنوانها “من يتغدّى بِمن؟”.