7 أبريل، 2024 5:14 ص
Search
Close this search box.

مَن يتبع يقبع!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

التبعية عبودية والمتبوع يستثمر في التابع ويسخره لتحقيق مآربه وتطلعاته , ولا يعنيه من شأن التابع إلا أنه يمثل إرادته ويحقق أوامره وينجز مشاريعه , وأي خلل في هذا السلوك يعني التخلص من التابع وإستبداله بآخر وهكذا دواليك.
وعلة بعض المجتمعات أنها تستلطف التبعية وتتلذذ بعدم المسؤولية , فهي تريد أن تكون بريئة رغم إشتراكها الفظيع بالجريمة , وتتوهم بأن المجرم هو المتبوع الذي فعل ما فعل , وتحسب أن تظلمها سيقيها من المخاطر والتداعيات ويضع على رأسها تاج الأمنيات , وهي في غفلة من المتبوع الذي يأخذها لتلقى مصيرها المحتوم.
فكل تابع مشلول الإرادة وكل متبوع مستبد الإرادة ومطلق القرار , وهذا قانون ينطبق على أصغر السلوك وأكبره , ففي الأنظمة الإجتماعية والسياسية والهندسية والفيزيائية وكل ما يتحقق في عالم وجودنا , يكون مصير التابع بقبضة المتبوع , وما يصيب المتبوع يصيب التابع وما يصيب التابع لا يؤثر بالمتبوع.
ولا يمكن لتابع أن يملك حرية تقرير المصير إذا لم يتخلص من التبعية ويبني قوته ويعزز وجوده الذاتي والموضوعي , ويحمي وعاء صيرورته وإنطلاقه إلى أهداف يرسمها ويمضي إليها وبطاقاته الحرة المتفاعلة.
وكأن التبعية سلوك إدماني يقع فيه البشر ولا يمكنه التخلص من وطأته وأعراضه الإنسحابية السلوكية الشديدة التأثير , خصوصا عندما تضعف آليات الضم الوطني , وتنمحق علائم الإقتدار التفاعلي الضامن للصالح المشترك في أي مجتمع , عندها يميل البشر للتبعية والسقوط في حبائل المسَخرين لإمتهانه بعناوين مؤثرة فيه , وهم في ذاتهم من التابعين لقوى تمدهم بالقدرة على صناعة الأتباع لتمرير مشاريعها الخفية , فلا يمكن لمن يرتضي بالأتباع المنومين إلا أن يكون تابعا لقوة أخرى أوجدته أو إستثمرت فيه.
فالتبعية دائرة مفرغة من السلوكيات التي تتعزز ديمومتها بالتكرار والإقران والتدويخ المبرمج , الذي يعتقل الإدمغة ويؤهلها للإذعان والإمتهان , وهي راضية وممتنة للفاعل فيها كما يشاء.
وهذه التبعية لا يمكنها أن تساهم في بناء الحياة الديمقراطية , ولا تتوافق مع معطيات العصر الذي يجب أن يكون الإنسان فيه قوة ذات نسبة مهمة من حرية تقرير المصير والعمل الحر الأصيل , فقوة المجتمعات تنبع من تواصل طاقاتها الحرة وتفاعلها الوثاب.
وما دامت بعض مجتمعاتنا متورطة بسلوك التبعية وعدم القدرة على الإنفكاك من أسرها , فأن الشرور ستتواكب والخطوب تتعاقب , فتحرروا من التبعية لينصركم الله!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب