23 ديسمبر، 2024 2:26 م

مَن هم حملة راية الإصلاح في العراق؟

مَن هم حملة راية الإصلاح في العراق؟

بسمه تعالى:(لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
قوله تعالى:(ً ۚوَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ).

إن من أكبر القضايا التي أهتم بها الأسلام، هو الإصلاح بين الناس، وقد أكد وحثّ عليها الشارع المقدّس بشدة، ولهذا أُرسلت الرسل وبُعثت الأنبياء، لأنه من أولى المهام التي كلفوا بها من قبل البارئ سبحانه وتعالى.

الدعوة إلى التوحيد، دعوة إلى العدل المطلق، وهو أساس الإصلاح في النظام الكوني، فإذا غاب العدل، غاب الإصلاح، لذا أختار المولى ـ عز وجل ـ رجال أصطفاهم، يتّصفون بالصبر، والصمود، والأمل والثقة بالله، والتوكل عليه، في إصلاح الناس وإنقاذهم من الضلالة، قال تعالى:(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ).

عن ميسر عن أبي جعفر ـ عليه السلام ـ إنه دّل على قوله تعالى:(ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)بقوله: يا ميسر إن الأرض كانت قبل رسول الله( صلواته تعالى عليه وعلى آله)فاسدة فأصلحها الله ـ عز وجل ـ بنبيه. [مستدرك الوسائل ج8ص58]

إذا أستنطقنا القرآن، والأحاديث، والتاريخ في الأمم الماضية، خبّرونا بأن جميع الذين دعوا إلى الإصلاح، لم تتحقق لهم الأهداف المرجوة الآنية، وبرغم هذا أستمروا في السعي لتحقيق النجاح، ولم يصبهم اليأس والقنوط، ولم يفكروا لحظة ما في التراجع.

خير مثال على ذلك:ما بذله الرسول وزوجه السيدة خديجة ـ عليهما أفضل الصلاة والسلام ـ وقدما كل ما يملكان في سبيل ذلك، وكذا سبطه الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ الذي ترك حج البيت، والطواف والسعي بين الصفا والمروة، وخرج إلى العراق، حتى ظمأ وأريق دمه الطاهر، ومعه كوكبة من أهل بيته وأصحابه”عليهم أفضل الصلاة والسلام” في كربلاء، من أجل الإصلاح في أمة جده.

العراق بلد متعدد الطوائف والقوميات، وفي ظل نظام ديمقراطي، يتساوى الجميع فيه بالحقوق السياسية، والقضأئية، والأجتماعية، والأقتصادية، من الطبيعي أن يوجد الصراع والنزاع حول هذه الحقوق، أذا لم يطبق النظام الديمقراطي بشكله الصحيح، وهناك مَن يتصيّد بالماء العكر من المفسدين، لخلق المشاكل، وإثارة الفتن، لمنافع ومصالح حزبية وفئوية ضيقة، لا تريد خيراً بالعراق وأهله.

المفسدون يقابلهم المصلحون، فلكل دهر دولة ورجال يقومون بأصلاح الإعوجاج، ورتق الفتق، وردم الفجوات، الذي أحدثه المفسدون في المجتمع، ومن المؤكد ان في طليعة هؤلاء المصلحين، المرجعيات الدينية، بأعتبار إن العلماء ورثة الأنبياء، وعمل الإصلاح جزء من إيمانهم، وآدابهم الإسلامية والأخلاقية، والإنسانية.

حسب علمي وتتبعي للشأن السياسي في العراق، لم اجد قادة من الإسلاميين، ألتزموا بتوصيات وتوجيهات المرجعية الدينية، وحافظوا على الثوابت الشرعية والأخلاقية، وتبنوا مشروع الإصلاح في العراق، مثل القادة من آل الحكيم، وبأعتراف كثير من السياسيين، إن آل الحكيم هم حملة راية الإصلاح، وكانوا جسر المودة بين جميع الاطراف السياسية.

ليس عجباً ان يكونوا كذلك، فشهيد المحراب ـ قدس سره ـ من ثوابت نظريته السياسية هو الإصلاح، يذكر ـ طاب ثراه ـ أهداف حركته بصوره واضحة، بقوله:(ليس السلطة والحكم، وإنما هدفنا الإصلاح في إمة رسول الله ـ عليه وعلى آله الصلاة والسلام ـ وإصلاح الشعب العراقي)، وقدّم نفسه والتضحيات والدماء من عائلته، في سبيل هذا الإصلاح، فهو يراه تكليف شرعي وإخلاقي، قبل أن يكون سياسي.

صبراً يا آل الحكيم، فطريق الإصلاح، طريق االعظماء من الأنبياء، والتضحية من أجل الآخرين، كما يقول الشاعر:
إن أخا الهيجاء من يسعى معك .. ومن يضر نفسه لينفعك.
أستمروا في الإصلاح، والسعي في تحقيق النجاح وان كان آجلاً، ولا تلتفتوا إلى الوراء وأن واجهتكم عقبات الأتهام والطعن، والتشهير بالسوء، فعند الصباح يحمد القوم السرى.