ألهَمّ الأوّل والأكبر للحُكّام هو إبقاء المحكومين كالقطيع خاضعين لاملاءات السلطة وهذه للأسف صفة معظم إنْ لم أقل كلّ شعوب العالم لتجذّر ألجّهل والشهوة وآلأنا وآلتّسلط في البشر المتحزبيين للرّواتب والأموال بعيداً عن الفكر وفلسفة الوجود.
ألحاكم بشكلٍ عامّ يكره آلفكر و ألفلسفة وبالتالي يكره ألمُفكّرين وآلفلاسفة التنويريين ألذين يسعون لربط العلوم والأختصاص بواقع الحياة الأجتماعية و السياسية و الأقتصادية لإرشاد الأمّة ضدّ المستغليين والطغاة وإنقاذهم من نير (ألمنظمة الأقتصاديّة العالميّة) التي
تسيطر على جميع حكومات الأرض للهيمنة على منابع الطاقة, و لأنّ ألفلسفة أساس آلوعي وتجعل آلعقل نقيضاً للطاعة العمياء من خلال التفكير المنطقي لأحياء كرامة الأنسان, لهذا يرى الحاكم بأنّ الفيلسوف مُتمرّداً يُحَرِّض ألمحكومين على التّمرد.
ألدِّين ألمُشوّه ألذي وصلنا من آلحُكّام و الأحزاب و مراجعهم هو أكثر ألنُّظم تحقيقاً لتلك المعادلة (قتل ومحاصرة الفلاسفة)!ّ
لذلك نرى أكبر وأهمّ ألفلاسفة في آلشرق تمّت تصفيتهم بالقتل, و حتى في آلغرب القديم كإعدام سقراط مثلاً
وفي العصر الحديث كغارودي ورفيقه كاربون أساتذة الفلسفة في السوربون ألّلذان حوصرا و أبعدا و سجنا في قلب باريس التي تدعي المدنية و الديمقراطية, لكشفهم مساوئ و فساد الغرب و هكذا (ماسلو) الذي أهملوا و حجبوا نظرياته من المناهج التعليمية.
حين نُدقّق في تأريخ سقراط و تلامذته ومصير كلّ مفكر و فيلسوف حقيقيّ كغاليلو و كوبرنيكوس و شوبنهاور و توفيق الحكيم و أمثالهم نبكي و نتألم كثيراً .. حيث يرى جميعهم قد قُتلوا إمّا بضربة سكين أو بسمّ زعاف أو بحبل أو بطلق
ناري أو نتيجة الجّوع وآلحصار و آلغربة حتى الموت…
كلّ
هذا ليصفى آلجّو أمام آلحُكام و الأحزاب ألتي تدّعي آلوطنيّة و الأنسانيّة و الأسلاميّة وغيرها لنهب و سرقة الفقراء وما جرى ويجري في العراق والعالم اليوم بغطاء الدّيمقراطية وآلأسلامية والعدالة هو مثال حيّ و إمتداد لتلك الحقب السوداء!
و آلعتب الأكبر على الأكاديميات وألمؤسسة التعليميّة والدّينيّة والكُتاب والمثقفين و الأعلاميين خصوصاً النقابات الصّحفية المدعومة التي تميّزت بآلجّهل وآلصّفة الببغائيّة لأعضائها لعدم وضوح الصّورة كاملة عندهم خصوصا مفهوم الفكر والعلم و الفلسفة و لقوة الشهوانية
في نفوسهم ففقدوا بفقدها حلقة الوصل بين عناصر الوجود, لهذا ما عرفوا سوى جوانب وبعض عناوين القضايا المصيريّة و الفكريّة و الفلسفيّة بشكلٍ خاصّ .. فصار همّهم الأوّل هو دعم الحُكّام و آلتّقرب و الحضوة عندهم بدل الأرشاد وآلتوعية والنقد الفلسفي الذي يجهلونه أساساً,
و هؤلاء هم خريجوا المؤسسات التعليميّة التي تعتقد بأنّ هدف الحياة هو الحصول على شهادة تخصّصيّة في أرقى الأحوال للعمل بموجبه, لهذا كرّسوا أقلامهم لبيان و تقرير الواقع بشكل محدود: قام فلان… و جلس فلان … و صرّح فلان … و إلتقى فلان… و أصدر فلان … وزار
فلان.. و نام فلان و إستيقظ فلان وتكرار الموضوعات التي ليس فقط لم تُقدّم ولم تُفِد شيئاً؛ بل سبّبت دمار العراق و الأمم و آلشّعوب في العالم وكأنها تقارير رجل أمن أو مخابرات.
ألأميّة الفكريّة بإيجاز فلسفيّ هي: [عدم ألمقدرة على تطبيق و ربط الأختصاص بحسب (الفلسفة الكونية) ببقيّة جوانب ألحياة خصوصا الأقتصاديّة و الأجتماعيّة و الأنسانيّة], فقد يكون الجميع يحملون شهادات جامعية لكن من دون فكر وهذا ما سعت لتكريسها المنظمة الأقتصادية العالميّة
عن طريق الأحزاب التي تُشكّل الحكومات ألتي ترجمتْ ألأمّية الفكريّة على أرض الواقع بكلّ تفصيل وغباء و مكر لأستغلال الناس و سرقتهم و إنّا لله و إنا إليه راجعون.