19 ديسمبر، 2024 2:50 ص

مَنْ يُزيلُ وحشة قلبي؟

مَنْ يُزيلُ وحشة قلبي؟

منذُ ضياعك يا ولدي وقلبي يُسائلني: متى تُريحني… لقد أتعبتني نبضاتي المتسارعة بعنف ليلَ نهارَ.. يلومني قلبي.. يستنجدُ بي. تذبحني التنهداتُ حين يعلو صدري وينقبض. كأنّه يلومني: أنتَ الوالدُ كيف تسكنُ بيتاً خلا من ابنك الوحيد؛ ما عُذرُك وأنت تعيشُ وتمارسُ عملك ولا تصومُ؟ هنا سريره.. هناك لُعبتُه المحببة الى نفسه، صوره.. أيامُ طفولته وهو يمتصُّ حليب الحياة من ثدي أمّه.
أغمضُ عيني مُتوهماً أنْ لا أراه.. هو في كلّ زوايا روحي، هو قدَري.. لم هربتَ يا قدري؟ أين أنت ؟ صامتاً.. بعيداً. ناسياً. أخافتك جنودُ العدوّ فهربتَ الى حيثُ لا أدري، أفزعك رصاصُ بنادقهم وصواريخُهم تدكُّ أرضك الغالية.. هربتَ مهموماً وما راودتك فكرةُ عذابي بعدك..
يا ولدي.. لو تدري ما حلّ بأبيك .. تزوجتْ أختاكَ.. أمُّكَ قتلها غيابُك فتركتْني وحيداً .. عزمتُ على السفر الى مكان يشدهني كلُّ شيء ٍ فيه، قد يأخذك مني أياماً.. لذا حزمتُ حقيبتي وأخترتُ بلداً لم أصحبْك معي اليه لئلا
تخنقني شجوني وأنا لم أمسكْ يدك أقودُك وتقودُني الى ما يُثيرُ انتباهك.. لذا أخترتُ ( قبرص) وفي فندق الشاطيء نزلتُ.. أتدري يا حبيبي ما حصل لي.. حين أبرزتُ جواز سفري وهو يحملُ صورتي القديمة .. ساورهم الشكُّ بعد أن تغيّرت ملامحي كثيراً.. شيءٌ واحدٌ يمحو الشك هو الشامةُ الكبيرة قرب أنفي ، وحدَها لا يُغيّرها الزمنُ… احتفظتُ بها لارضاء أمي رحمها الله.. كانت لا تدعوني باسمي.. تُناديني ( أبو شامة) .. كم نصحني أصحابي بازالتها، لكنّ أمي تروقُها، احتفظتُ بها كأنّها جزءٌ من أعزّ مخلوقة عندي..
نزلتُ الى المطعم، تخذتُ مكاناً قرب الباب، لا أدري لمَ أخترتُه.. وأنا أٌقرأ في كتاب جلبتُه معي .. أسرع النادلُ يضعُ الفطور على مائدتي ، أظنُّني كنتُ الوحيدَ بين الجالسين بلا رفيق… الوحيدَ بينهم مَنْ يقرأ كتاباً داخل المطعم..
أحسستُ بمَنْ يقفُ قبالتي مسنداً يديه على المائدة… ثمّ صرخ: أبي.. رفعتُ رأسي مستغرباً الصوتَ.. شابٌ لم يبلغُ العشرين كما خمنتُ.. لم أجبْ.. لكنّ دمعي أجابه.
* أنا صباح يا ابي.. دار حول المائدة والتفت ذراعاه حولي.. يُقبلني وأنا مشدوهٌ لما يحصلُ، ظننته مجنوناً
أو مشتبهاً وقد لفتَ أنظار الجالسين.. فتح زرَ قميصه الأعلى وأراني الصورة .. هو وأنا جالسين في صالتنا وخلفنا تبدو لوحةُ بيكاسو بلونها الأزرق.. وقفتُ صارخاً وقد افلتُّ يديه وكنتُ أنا مَنْ أطوّقُه وأقبل كلّ جزء من جسمه.. حتى انحنيتُ على قدميه.. فرفعني وهو يبكي ويضحكُ، لقد أختلّ نظامُ المطعم.. فقدمنا اعتذارنا لصاحبه الذي هرع ليعرف ما حدثَ. تقبّل اعتذارنا حين سمع القصة حتى أنّه عرض عليّ أن أقيم في الفندق أسبوعاً آخر وقال: هذه هديةٌ مني الى ابنك صباح..
* ليلاً ، وبعد أن أنهى ابني عمله زارني في غرفتي، كلٌّ منا يودُّ لو يُجلسُ الآخر في حضنه..
* وحكى لي صباح: أبي.. كنتُ مع سمير ونبيل نلعبُ أمام مدرسة الفيحاء التي سنكون من طلابها بعد أن تجاوزت أعمارُنا السادسة. كنا ننظر اليها بفرح حين انطلقت أصواتٌ أفزعتنا، فركض الناسُ، وأختبأ البعضُ ، وما كدنا نحاول العودة الى منازلنا الّا وقد وجدنا أنفسنا في زحمة الراكضين.. وقد أغلقت الحوانيتُ أبوابَها حتى لم نعد نعرفُ الطريق الى بيوتنا.. بكى سميرُ وبكينا معه، التقانا أحدُهم وعرض علينا أن يوصلنا بسارته، فرحنا.. ذهبنا معه، أمضينا
ساعات طويلة حتى وصلنا الى بيته. لا أدري حتى اليوم ألى أيّة مدينة أخذنا.. هو وزوجتُه في بيت وسيع، يتحدثان العربية بكلمات لم نفهم بعضها.. بعد أيام جاء رجلٌ فأخذني وزميلي( نبيل ) بعد أن أعطاه الرجلُ الأول صوراً لنا وبعض الأوراق التي لا نعلم ما بها.. بتنا ليلةً معه قي فندق ثم أخذنا الى المطار وأتى بنا الى هنا.. مكثتُ ونبيل مع الزوجين . أضفيا علينا من حبّهما ورعايتهما الكثير..
بدءَاً وجدنا صعوبة في التفاهم .. ثم انسجمنا معهما.. نبيل وأنا نتحدّثُ العربية لذا لم أنسها. نبيلُ يعمل في محل بيع الألبسة مع امرأة طيّبة.
* – سميرُ ماذا عنه؟
* – لم نعرف عنه شيئاً..سألنا عنكم وحاولنا كثيراً من دون جدوى.
* -ألم تلتحق بمدرسة هنا؟
* – كلا .
* – عندَغزو العراق كان عمرك ستة أعوام ونيّفاً.. أنت الآن في السادسة عشرة .. أستطيعُ سحبك الى حيثُ أنا في السويد اذا رغبتَ، وأن اخترتَ البقاء مع العائلة التي أحبتك فلك الخيار.
* – أبي.. لقد مات الرجل وزوجتُه كذلك، أنا أقيمُ هنا ونبيل ، لا يُمكنني التخلّي عنك أبي.. لكنني سأفتقدُ صديقي ولا أدري كيف سيعيشُ وحدَه وأين؟
* – سأسعى لأجد له طريقاً سريعاً فيطلبُ اللجوء في السويد.. غداً أصوّرُ جواز سفرك وأوراقك لأغادر سريعاً.. آملاً أن يتمَّ الأمرُ قبل أن تبلغ الثامنة عشرة…

، الاشقاء العرب مع العدو الصهيوني والشيطان الامريكي، استغلوا الفشل والتخبط في القيادة العراقية، ليتم احتلال الموصل والزحف باتجاه تكريت.
الحواضن في اطراف بغداد، الجنوبية والغربية والشرقية، والخلايا النائمة في مركزها، تنتظر ساعة الصفر، حين وصول قوات داعش العربية الى شمال بغداد، لاحتلال العاصمة.
مقرات داعش لا تبعد عن العاصمة الا بضع كيلو مترات، لا تحتاج من جنود الامة العربية المجيدة، الا قطع المسافة بين تلك المقرات ومركز العاصمة بغداد.
مخطط أن تنطلق الفلوجة بالتزامن من عامريتها، ومن النخيب، ومنهما باتجاه كربلاء المقدسة والحلة والنجف الاشرف، لتلتحم مع قوات عربية اخرى بقيادة المرجع العربي العراقي واشباهه، ليتم اسقاط الوسط والجنوب العربي، واعادته الى الحضن العربي!
عجز الجميع حكومة وقيادات سياسية عن الحل، فالقوات الامنية في اسوء حالاتها المعنوية، وفقدت زمام المبادرة والصمود بالكامل، حيث وصلت اكبر قياداتها الى اربيل، دون علامة الاركان والسيوف والنجمات! بل اكتفى رئيس اركان الجيش الفعلي وقيادات الركن بالدشداشة العربية!
القوات العربية تضاعفت امكاناتها التسليحية والمادية والبشرية، عندما تمكنت من السيطرة على كافة معدات واسلحة ثلاثة فرق من الجيش العراقي، اضافة لأسلحة ومعدات الشرطة المحلية والوية الطوارئ، اضافة لمئات المليارات من الاموال التي تركت لهم في مصارف محافظة نينوى، ورفعت معنويات المقاتلين العرب، من خلال ذبح المئات من الروافض في سجن بادوش، وسبي الاف النساء من الشبك والتركمان والايزيديات، هذا يضاف الى صعود الشعور القومي لدى اهل الموصل، الذي استقبلوا ابناء جلدتهم بالزغاريد، والهتاف، لينزوا الجار منهم على جاره الشبكي واليزيدي والمسيحي، ليقتله ويسبي نساءه، ليقدمها لجيش الامة العربية المجيدة الزاحف لتحرير العراق!
صدح صوت الانقاذ من النجف الاشرف، المدينة القديمة، محلة البراق، حيث يسكن مرجع الامة وصمام امانها، ليعلن فتوى الجهاد الكفائي، ماهي الا ساعات
حتى تشكل جيش مليوني، بإمكانات ذاتية، وفزع الجار الصفوي، بأسلحته وامكاناته وكبار قادته، الذي تم توزيعهم بين اربيل المهددة بالسقوط، وتخلى عنها الصديق الامريكي، وبين معسكرات واماكن تجمع المتطوعين.
انطلقت عمليات الحشد الشعبي، من شاخات اللطيفية الى الكراغول في اليوسفية الى اطراف ديالى المحتلة، الى جرف النصر.
وجد الشيطان الامريكي نفسه محرجا، شكل تحالف دولي لمواجهة داعش من الكبار في العالم، حيث قدر هذا التحالف 4 سنوات للقضاء على داعش، في الوقت الذي بدأ الحشد يقضم الاراضي لتي سيطرت عليها داعش العربية، عندها تحول تحالف الشيطان الامريكي الى معرقل لتحركات الحشد وتعطيل انتصاراته.
رغم كل المعرقلات التي وضعها التحالف بإيحاء وتحريض الامة العربية المجيدة، سنتان من عمر الحشد، ولم يتبقى امامه الا الفلوجة والموصل، التي يعطل التحالف الامريكي اقتحامهما من قبل الحشد المقدس، منذ اشهر طويلة.
كل هذا يدعونا ان نقول؛ العار كل العار لساسة لا يفقهون من السياسية الا الامتيازات والمناصب، والفخر كل الفخر لساكن النجف الاشرف، الذي اذهل العالم بحكمته وحنكته وبساطته.
الموت للامة العبرية المتآمرة منذ انبثاق فجر الاسلام الى لحظتنا هذه، والحياة لامة لوكان العلم في الثريا لناله رجل منها…

أحدث المقالات

أحدث المقالات