18 ديسمبر، 2024 9:03 م

مَنْ يُريد للحكيم أن ينسحب مع الصدر؟

مَنْ يُريد للحكيم أن ينسحب مع الصدر؟

المطلع على أسرار الدولة، والمراحل السياسية والإجتماعية والأمنية، يجدها كفيلة بإسقاطها، خضوعاً للأمزجة الخارجية والمصالح الشخصية، تميل مع أيّ نسمة عداء لوحدة العراق، حتى تداول البعض حلول غير واقعية، للخروج من حجم الأزمات المتراكمة الكارثية في إدارة الدولة، بضعف العلاقات السياسية الداخلية والخارجية.
“أشجار البر أصلب عودا وأكثر صمودا”، عميقة الجذور تميل ولا تنحني، ولا يمكن إقتلاعها بزوبعة صغيرة.
كثيراً ما يتداول في الأوساط السياسية والشعبية، لماذا رجل الدين في السياسة؟ ودعاة هذا المنهج يقرون: بإن الدولة لا تقوم إلاّ على الإختصاص ( التكنوقراط)؛ لكن الإسلام يقبل أيّ عقيدة سياسية تتخذ من الإنسانية والأخلاق منهج قيادة الحياة، وحرم الإلحاد والقومية والشوفينية والنازية والعصبية القبلية، وأول قائد النبي ادم(ع) وأخرها ستكون دولة الإمام المنتظر(عج) العادلة، لم يقسم الطبقية على أساس طبقات مادية؛ بل يضعها كشرائح تكاملية، والمجتمع في حالة المساواة والعدالة الإجتماعية.
تخرصات وإستنتاجات، خليط بين عداء للعراق الجديد، وأخر للدين، وبعد إعتزال السيد مقتدى الصدر، خرجت أصوات تهلهل وتفرح لتزق كتلة تمثل طيف كبير من اتباعها الفقراء، وتقول ليعتزل الحكيم السياسة!! وتتنمنى ان تتفتت الكتل السياسية، وتتناحر وهم يعتاشون على الدماء.
لم يكن إعتزال الصدر أني، سيما هنالك تراكمات وخلافات كبيرة مع الحكومة ورئيس وزرائها تحديداً، وتهاوي نجم كتلة الأحرار خلال وسائل الإعلام، التي زجتهم بالملفات وإظهار صور التناحر السياسي البائس، يتبارى معهم نواب من كتل اخرى الى درجة التدني الفكري والسياسي، والبعض الأخر شطح أخلاقياً، يستخدم الطائفية سلم سهلاً لدغدغة مشاعر شعب، لا يجني سوى شضايا شرار أسلنتهم الملتهبة، ويحصد المأسي والفقر وديمومة المقابر الجماعية.
الصدر اعلن إعتزاله السياسة ونقد الحكومة بشكل لاذع، والحكيم طالبه بأخوية ومسؤوليةللعودة عن قراره المصيرة ومراجعة الموقف، كون تاريخ الصدر لا يمثله إلاّ الصدر نفسه. اصوات إنتعشت وتمنت رحيل الحكيم ايضاً، لم تطالب مفسداً او فاشلاً او إرهابيا مغادرة العمل السياسي! ولم تطرح مشروع بناء دولة يكون رأي جميع القواعد الشعبية حاكماً، اجازت تلك الأصوات للمومسات واللطامات تصدر دواوين العشائر، وقيادة ركب الطائفية والمحسوبية.
خرافة أن يقال: الديموقراطية لا تنجح في العراق، وإستهانة بشعبه، بالقول أن الدكتاتورية التي جثمت عقود على الصدور كسرت جميع أضلاعهم، ولا يستطيعون بعد إستنشاق هواء وطنهم بعمق.
الحكيم إنتهج الإعتدال والوسطية، وتطيب الخواطر وحلول المشتركات، وجمع الفرقاء في أحلك الشدائد، والحلول دائما جاهزة لديه.
سبق الكثير بمسافات ويرى خلف التل، يهلثون ثم يعودون له بعد خسارة المال والرجال وعمر الدولة والمواطن، وما تلك الاصوات إلاّ نشاز في منشود الوطنية، تريد قطع اخر حلقة وصل للوشائج المجتمعية، وتبعد نقطة الإلتقاء، ولا تحكمنا إلاّ القوة والدماء، في تغليب المصالح الحزبية والشخصية، وخضوع للإرادات الخارجية.