أكاد أجزم أن ما يحدث من تدهو أمني وإقتصادي وخدمي، نتاج الخلافات السياسية، ولعب الإرهاب والفاسدون والسلطويون على وتره لتحقيق مأربهم الخبيثة؟! وكل ما حصل من تدخلات خارجية؛ بسبب ضعف العلاقات الداخلية؛ لدرجة أصبح بعضهم قواد للدواعش والمافيات؟!
يحاول بعض السراق والخمّارة، إبداء الكرم والتحرك بمواقف إنسانية، ضنهم بالتكفير عن أخطاءهم، والتعويض عن نقص تشعره نفوسهم؟!
تعرضت بغداد في خمسينات القرن الماضي، الى عدة مرات من الفيضانات، وكانت الحكومة تجمع الناس حتى من الأسواق (حملة عمل شعبي) لإقامة السدود، وذات يوم تهدم السد الترابي في الساعة 2 بعد منتصف الليل، فطلب متصرف اللواء من رئيس الشرطة جمع الناس للعمل الشعبي، لكنه أخبره أن الأسواق أغلقت أبوابها وعادت الناس الى بيوتها.
مدير الشرطة تذكر وجود حي يعمل في الليل، وهو حي الميدان الذي كان يعرف بكثرة بيوت الدعارة والمراقص، فأمر الشرطة أن يخرجوا المومسات والقوادين والقوادات والزبائن؟! وعندما سمعوا أن بغداد مهددة تحركوا بسرعة؛ منهم من يجمع القصب وأخر يهيل التراب، والنساء تضع والرجال يحملون، وهم ينشدون أهازيج تطربهم، إلاّ أن أوقفوا سيول المياه، وأنقذوا بغداد من الغرق، وأهلها النيام من الموت والتشرد.
السباحة وركوب الخيل وحمل السلاح، أُوصي بها؛ لتجنب الغرق وإنقاذ حياة الآخرين، والدفاع عن الوطن والعرض والمال، لكن بعضهم تحمله غيرته لإنقاذ غريق وهو لا يعرف السباحة، أو الغريق يقتل منقذه دون أن يعرف؟! وقد حاول شاب لبناني إنقاذ والده فغرق، وشهامة وغيرة عثمان العبيدي، دفعه لإنقاذ سبعة من الزوار الذين سقطوا ضمن آلاف في دجلة في كارثة الزوار المعروفة، وفارق الحياة مع الثامن.
الإرهاب الذي إجتاح العراق، أقسى من الطوفان الذي يجد الإنسان من ينقذه، أوعود شجر يتعلق به، وأشد من الحريق الذي يمكن تداركه في بلد النهرين، وعُرف عن داعش، إنها عصابة الأكثر بطشاً وإنحطاطاً على مر التاريخ، إستطاعت دخول العراق وتدنيس أرضه وهتك أعراض نساءه.
بعض الساسة جعلوا من العراقيين أوراق قِمار يراهنون عليها، ويشربون نخبهم العاهرة في كواليس الدعارة السياسية، ولم يكتفوا بأن يكونوا زبائن دائمين في حانات المومسات، بأموال شعب يذبح ويشرد، يمتعون أنفسهم مع صبيات أصغر عمراً من أحفادهم؟ّ!
لم ينتبه أولئك القوادون الثمالى لحظة؟! ولم يصحى ويرتجف ضميرهم، وبنات مدنهم وأقاربهم تساق سبايا بيد الواعش المنحطين؟!
الإنتصارات الكبيرة التي حققها الحشد الشعبي، الذي حملتهم غيرتهم على وطنهم وعرضه، ستكشف القوادين والمتآمرين والجبناء والمتخاذلين والمتعاونين مع الإرهاب؟! وقد مسخوا من إنسانيتهم ولم يتظاهروا بالشرف والغيرة، أو يتبرعوا بجزء من المال الذي سرق بأسم تلك المناطق، التي يُعاني أطفالها التشرد ونساءها السبي، فمن ينقذ مناطق غرب العراق من الغرق؟! إذا كان بعض المحسوبون على السياسة، يرفضون تطهيرها بواسطة الحشد الشعبي؟!