18 ديسمبر، 2024 11:24 م

الإلهاء أسلوب سياسي معروف ووسيلة قديمة للحكم , بدأت منذ إنشاء الدولة فوق التراب , وهو موجود في الحضارات السومرية وما قبلها , ومعروف أن العديد من النشاطات والفعاليات الإجتماعية كانت تقام من أجل إلهاء الناس وتغيير وجهات أنظارهم وتبديد طاقاتهم والتحكم فيهم وأخذهم على حين غفلة.

وفي العصر الحديث وبتطور وسائل الإتصال , تعقدت أساليب الإلهاء , حتى صار من الممكن إلهاء الدول والشعوب بموضوعات لتحقيق غايات أخرى.

وفي مجتمعاتنا , يبدو أن هذا الأسلوب قد صار رائجا ومتكررا , ورأينا الكثير من أحداث التلهية وألاعيب توجيه الأنظار ودفع البشر بعيدا عن مسرح الأحداث وإتخاذ القرار.

وأصبح للإلهاء موجات وعواصف وأساليب ذات لمسات إستشارية خبيرة ومتطورة. وقد إنتصرت أساليب الإلهاء في بلادنا , ومن أهمها إلهاء الناس بالحاجات اليومية الأساسية كالكهرباء والماء والطعام والنقل والأمن وغيرها الكثير.

وقد تصدت الأقلام بأساليب متنوعة لتلك الحالات ولازالت , بل أنها واجهت الكثير من السلوكيات التي لا تراها تتفق والمسار الصحيح لبناء حالة وطنية متقدمة ومتفقة مع العصر .

وبسبب نباهة الأقلام وقوتها وتأثيرها في بناء الرأي وتحقيق الفهم والإدراك والمساهمة في تحويل أنظار الناس إلى بيت القصيد , أصبح من الواجب إلهاء بعضها بموضوعات أخرى خارج سياق التأثير على الخطط والأهداف والسياسات المرسومة اللازمة للوصول إلى حالة خفية ومعلومة , وهكذا أخذنا نقرا كتابات الإلهاء.

حيث راحت الأقلام تستحضر طاقاتها لتكتب عن الخمر وتتصدى لمنع حاناته وكثرت هذه الكتابات وكأن الأقلام نسيت بأن الخمر أقوى من جميع الحكومات في الأرض , وما استطاعت حكومة أرضية من التغلب على الخمر أبدا , فهو شراب البشرية في الدنيا والآخرة , فأنهاره تجري في الجنات الموعودة.

والموضوع الآخر هو الموسيقى والفن , وكأن هذه الأشياء يمكن إلغاؤها بقرار , وهذا لا يمكنه أن يتحقق إطلاقا مهما توهم أصحاب القرار. فالموسيقى حاجة نفسية وروحية وكذلك الرسم والنحت وجميع أنواع الفنون. فالإنسان يستمع للموسيقى وفي بيته صور وتماثيل ويذهب إلى حفلات رقص وغيرها.

فلماذا هذه الزوبعة.
ولماذا تنساق الأقلام إلى الإلهاء والتلهي بموضوعات خارجة عن السياق الأساسي الأصيل.
لماذا تفقد الأقلام بوصلة إنطلاقها وتواصل مسيرها.

إن سقوط بعض الأقلام في مصيدة الإلهاء , يعدّ إنتصارا للقائمين على إطلاق المُلهيات.

فالأقلام الحية المساهمة في بناء الحياة وصناعة المستقبل عليها أن تركز على التحديات الأساسية التي تواجه المجتمع.
وأن لا نجري وراء موائد التلهي وطُعم تحريف الأقلام وأخذها إلى وجهة تخدم مصالح الذين يريدون أن يفعلوا ما لاينفع حتى أنفسهم.

فهل من وعي لدور الكلمة وتأثيرها في صناعة الحياة.

وهل نترفع عن كتابات التلهية؟!