23 ديسمبر، 2024 12:07 ص

مَظالم الدّيمقراطيّة

مَظالم الدّيمقراطيّة

مقياسي في تشخيص ظلم ألدّيمقراطية(1)؛ هي العدالة العلويّة(2), التي تحدّثتُ عنها في بحوث عديدة(3)
في هذا المقال؛ لا أتحدث عن الفقراء الكنديين أو أية دولة غربية من الأصول المختلفة الذين لا يقدرون حتى على دفع اجور السكن و الفواتير الأخرى و هم في حيرة من أمرهم و هم بآلملايين, و لا عن العاهرات الجائعات اللواتي يَبِعْنَ أنفسهن لأجل لقمة خبز, و لا عن فرص العمل المحددة لفئات خاصة .. دون حتى الذين ولدو هنا جَدّاً عن أب .. لكن من أصول شرقية أو أفريقية و يُعانون الكثير .. الكثير و على كل صعيد من التفرقة العنصرية و الدينية و العرقية و الفوارق الطبقية بسبب الرأسمالية التي تترعرع في أحضان الديمقراطية؟

كما لا أتحدث عن فرص العمل ألجّيدة أو المواقع الممتازة (الوايت جاب) (White job) المتاحة فقط لطبقة و أصحاب دين خاص يسيطرون على مراكز القرار و في مرافق الدولة من أصحاب الشعر الأصفر و العيون الزرقاوية, و ربما بينهم بعض الشرقيين الذين باعوا أنفسهم و شرفهم و كرامتهم فتمّ قبولهم كعبيد لا قيمة لهم سوى التجسس على الآخرين؟

و لا أتحدث عن المعاملة السيئة العامة وفي أحيان كثيرة ألأهانة من قبل الموظفين والمدراء و المسؤوليين و الشرطة في دوائر الدّولة مع المحجبات أو المؤمنين بلون الأسلام من خلال تعويق معاملاتهم؟

و لا و لا و لا .. لأن ذلك يحتاج إلى مقالات و مؤلفات .. بعكس ما يُنشر في الأعلام لأستحمار الناس و تعبيدهم!

و ربما بعد كل هذا الظلم و الطبقية المقيتة .. ربما يأتي أميٌّ فضولي عاش على (الولفير) كل عمره و لا يعرف أبسط حقائق الحياة و لا الكرامة الأنسانية و يقول لي؛ لماذا إذن أنت تتواجد على أرضهم .. إذا كانوا يعاملوك هكذا؟

و الجواب: أولا: أنا لست معنياً بذلك لأني عملت و جاهدت لأجل لقمة الخبز و بعكس منك أنت الذي لم تعمل و لم تخدم الأنسانية بشئ .. لذلك لساني طويل إن واجهني أحد من أمثالك .. ثم إن هذه الأرض ليست أرضهم فجميع الكنديين بإستثناء الهنود الأصليين الذين عاشوا في القطب لجؤا إلى هنا, الفرق الوحيد هو أن هؤلاء العبيد الساكتون الراضون بآلظلم قد باعوا كل شيئ للأثرياء الأنكليز الأوائل الذين وصلوا هذه الأراضي قبل أكثر من 200 سنة لأستثمارها و قد جندوا العمال الصينيين و الأوربيين من الجبسيين و غيرهم للعمل و البناء, مقابل السكن و العذاء!

و الفرق الثاني الأكبر : إنني حين لجئت لهذه الدولة, فأنه كان بسبب أحتلاهم لبلدي و تدميره, و الآن لا وطن و لا مال و لا مستقبل لي و لعائلتي المظلومة في وطني المسلوب المهتوك بسبب الفاسدين!

و إعلموا بإن هذه الأرض أساساً تعود ملكيتها لله, إنها أرض الله الواسعة ولا حق لأحد أن يمنعك من العيش و العمل فيها .. إلا أن هؤلاء الفاقدين للدين و الضمير قد إستحوذوا عليها, و سخروا الآخرين كخدم لهم!

و فوق كل هذا .. دخلنا قانونيا ًو عملنا و دفعنا الضرائب و بنينا الكثير و أصلحنا هذه البلاد؛ فهل جزاء هذا الأحسان التفرقة العنصرية و الطائفية والدينية و العرقية, و بلد مثل كندا يدعي حكّأمها بأنه : بلد الحريات و المساواة؟

و فوق فوق كل هذا الفساد و التكبر و الظلم : هناك حادثة مؤلمة جرحت و تجرح كل قلب سليم لم يدنس بآلمال الحرام و تؤذي كل نفس حره أبية لم تُباع لأصحاب المال و الجاه؛ و خلاصة الحادثة المؤلمة كما العديد من الحوادث التي سبقتها ظلماً و عدواناً هي:

[قبل يوم واحد – في ولادة الرسول(ض) – و في جامع المصطفى قتل في مدينة (هاملتون) التابعة لتورنتو – أونتاريو, شاب عراقي مؤدب و مؤمن من قبل شابيّن كنديين .. و ذنبه هو أنه حاول منع شابّين من أذيّة رجل كندي عجوز كان بطريقه للبيت, حيث قال لهم ذلك الشاب العراقي؛ رجاءاً لا تؤذوا هذا الرجل المسن, لأنه لم يؤذيكم, و ما كان من الشابين إلا أن أخرج أحدهم مسدسه و رماه بإطلاقة في بطنه, و حين رأي الآخرين الحادثة إتصلوا بآلمستشفى و البوليس و إخبروهم بآلحادثة : لكن الذي حدث هو : إعتذارهم من الحضور مدّعين بأنّ ذلك تمثيل و ليست حقيقة, و رغم تأكيد المخابرين بأنها حقيقة و الشاب المصاب بدأ يلاقي صعوبة في التنفس تحركوا بإتجاه العنوان؛ إلا أنهم تباطؤا طويلاً ففارق الشاب الحياة!

و الأمرُّ و الأكثر إيلاماً : ان الشرطة أنفسهم : إدّعوا بأنّ الأطلاقة كانت من مسدس أطفال و الطلقة هي (صجمة) و ليست إطلاقة عادية, و المسألة لا تستحق كل هذا الأهتمام!

لكن الشهود إستغربوا من تصرفات الشرطة, و قالوا لهم مهما كانت نوع الأطلاقة؛ القضية هي أن هذا الشاب قد فارق الحياة بسببكم أنتم و بسبب تلك (الصجمة)]!

بآلله عليكم كيف يمكن لصجمة صغيرة أن تقتل شاباً في ريعان شبابه؟

ليس لي سوى القول:

(أ لا لعنة الله على الظالمين) و لا حول و لا قوة إلا بآلله.

و في الختام أودّ القول بأن علّة العلل في هذا التعامل اللأنساني و الظلم القانوني و الأنحراف الأخلاقي في كلّ حكومات الأرض الوضعية, لأسباب الثلاثة التالية:
الأوّل: هي في معايير فلسفة الحكم في النظام الدّيمقراطي التي لا تصلح كنظام أمثل لتحقيق العدالة حتى النسبية في الحياة الحقوقية و الأجتماعية, لأنّ الفساد يرافقه كتوأم للديمقراطية التي تحتضن بل و تحمي الأثرياء و أصحاب الشركات و تُضخم رؤوس الأموال و توسع الطبقية و الهوة بين الغنيّ و الفقير, و هذه المواقف التي أشرنا لها في المقال أعلاه من مصاديق ذلك, و للوقوف على الحقيقة كاملةً, عليكم قراءة بحثنا الموسوم بـ [مستقبلنا بين الدِّين و الدّيمقراطية], و كذلك:[ألسّياسة و الأخلاق؛ مَنْ يحكمُ مَنْ] و غيرها.
الثاني: بسبب فلسفة التربية المُتّبعة في مدارس الغرب و حتى أكثر بلاد الشرق, حيث حذفوا منها مبادئ الأخلاق و القيم و آلرّحمة و الأحسان و التربية السّماوية و إستبدلوها بمنهج يؤكد على إطاعة و إتباع القانون الوضعي في كل الأحوال لتحقيق منافع الأغنياء و الرأسماليين في نهاية المطاف, فيصبح الأنسان أرضيّاً دنيئاً يسعى للمادة و الشهوة بعد ما إستبدلت الروح و المعنويات بآلمادّيات, فأصبح كآلحيوان لا يهمّه سوى بطنه و ما دونه بقليل.
ألثالث: مسخ الشخصية الأنسانية و تفريغه من كل القيم الروحية و المعنوية, بحيث لا يملك نفسه و يكون تابعاً للنظام عن طريق لقمة الخبز و قدح الماء الذي تشربه, و هكذا يتم تبديل الأخلاق الأنسانية إلى أخلاق شهوانية – حيوانية لا يفكر المرء سوى بكيفية تأمين مكان للنوم و لقمة للبطن للتخلص من الموت و المرض, لذلك سأبقى أقول الحقّ مهما كانت النتائج, لأنّ[الحسين (ع) علّمني كيف أعيش لأرتقي و أكون آدمياً] للفوز بحياة الآخرة بعد التخلص من فساد الدنيا و رؤية المواقف الدموية و قتل الأنسان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ألديمقراطية و الرأسمالية وجهان لعملة واحدة, و يكفي الباحث أن يعرف حقيقة الديمقراطية حين يصْطف و يحمي أصحاب المال الذين يديرون (المنظمة الأقتصادية العالمية التي تريد إخضاع الدنيا.
(2) ألعدالة العلويّة و العدالة آلسّماويّة وجهان لعملة واحدة, و يكفيك أن تعرف بأنّ عليّاً رغم أنه كان رئيساً لأحد عشر دولة في ذلك الوقت,لكنه لم يأخذ من خزينة الدولة لنفسه أو عائلته ليس فقط راتباً إضافياً؛ بل راتبهُ كان بمقدار راتب الفقير و الجندي و العامل, رغم أنه كان الرئيس و الخليفة الأوحد.
(3) كتبتُ بحوثاً و مقالات عديدة عن (العدالة العلوية) و (النظام الأسلامي), و منها: [ألسّياسة و الأخلاق؛ من يحكم من]و[مستقبلنا؛ بين الدِّين والديمقراطية]و[ محنة الفكر الأنساني] وغيرها كثير.