برلماني سابق أصبح بعد خسارته في الإنتخابات مُحلِلاً سياسياً يتقافز بين الفضائيات للتنظير بأفكار سياسية وإقتصادية كان مُحتفظاً بها أثناء دورته الإنتخابية والتي لم يُعلن عن أهميتها إلا بعد أن أصبح توصيفه (برلماني سابق) في وصف عنوانه.
إعلامي طامح أو طامع لايَهُم يتقافز مابين السياسة والإعلام تارةً هنا ومرات هناك فنراه عندما كان في عالم السياسة يُهلل ويُمجّد للحكومة لكنه عندما جلس على موائد الحوار لَعَن تلك الحكومة التي أفقرت هذا الشعب، نائبة لاتُجيد من السياسة سوى الصُراخ والعويل والتحذير والتلويح بملفات الفساد وعندما يجّد الجّد تَصمُتْ وتغادر المنصة لتعاود دورة حياتها في البحث عن ملفات جديدة للفساد وربما عن فضائح أخرى.
مسؤول يُذّكرنا كل يوم أنه السبب في وجودنا وأن لولاه لبقينا حُفاة عُراة نتسكّع في الشوارع، فضائيات لاتُجيد من الإعلام سوى التمعن في القرف المعيشي للمواطن والرقص على جِراحات ومصائب الفقراء وإبتزاز اللصوص والسُرّاق وصور الكاسيات العاريات.
هي مشاهد وغيرها أكثر تتكرر كل يوم حتى أصبحنا نَقرف من تكرارها لأننا نعرف مُسبقاً ماحدث وسيحدث، هي مشاهد مُملّة ومُقززة نفتتح بها أولى صباحاتنا ببدايات الكلمات، يتحدث بها إلينا البقّال وصاحب التكسي وعامل النظافة في الشارع عن أحاديث سياسية مللنا منها وفهمناها سلفاً.
هي فصول مسرحية مُشمئزة تُعاد على مسامعنا حيث إرتحلنا وأينما كُنّا، إلى درجة أن الجميع أصبح يتكلم بالسياسة، ربما كانت هذه الديمقراطية التي أرادوها لنا هي السبب في كُثرة التشكّي وعدم وجود حلول والفشل في معالجاتها حتى أصبح من يظن أن لانهايات سعيدة بإنتظاره. ليس فقط التعب أو حتى أقصى درجات اليأس هما السبب الذي أوصل الناس إلى الإبتعاد عن واقعهم والولوج إلى أحاديث السياسة وعالمها الشائك، لكنه التسليم الناجز بالأمر الواقع والرضوخ له وذلك الإنفصال عن عالمهم والبحث عن بدائل يعيشون في أجوائها للتنفيس عما يُكبَت داخلهم بعد أن وجدوها حلولاً لأزماتهم أو تعبيراً من التعابير أو هكذا إعتقدوا من التي يُجيدونها لرفض وإستنكار واقعهم.
الجميع يتحدث والجميع ينتظر حتى ضِعنا في عالم السياسة، قد تكون هناك مقاصد لِما يُريدونه لتشتيت أفكارنا وضياع عقولنا، لكنه بالنهاية مشهد دراماتيكي يتكرر يومياً يُذكّرنا أن أحاديث السياسة التي يتحدث بها الجميع ماهي إلا أوهام ومتاهات أضاعتنا وأضاعت حياتنا جميعاً وأفقدتنا القدرة على الإستمتاع بملذات حياتنا وترفها وجعلتنا نُدمِن هذه المُخدرات لِنسيان كل شيء وذلك هو أسوأ مشهد تمثيلي من الواقع السياسي ومسرحية بائسة ننتظر نهايات فصولها بأسرع وقت لننهض مفزوعين وكأننا رأينا كابوساً ليتنا إمتنعنا عن مُشاهدته.