على الرغم من تداخلٍ نوعي وكميّ وبدرجاتٍ متفاوتة وحادّة بين الطرفين المستفيدين – المتصارعين , لكنّه من الزاوية الستراتيجية ” المجسّمة ” فإنّ التوقّف المؤقّت للغارات الجوية الإسرائيلية وما تلقيه من حمم القنابل على جماهير قطّاع غزّة , يجعلهم المستفيد الأوّل وبلا منافس , < فما اقسى واصعب من زهق الأرواح بالجملة والمفرد لِأُناسٍ وعوائل يومياً , مع الحرمان من ادنى مستلزمات الحياة قبل استقبال اجسادهم للصواريخ والقذائف وشظاياها .! , وبما يفوق مصطلح < الإبادة الجماعية – Genocide الى ما هو اكثر وبما لم يجرِ طرحه وتعريفه لغويّاً وبكل لغات العالم > , يتبع ذلك او بموازاته على نحوٍ ما , إدخال الأدوية والأجهزة الطبية ذات العلاقة بإجراء العمليات الجراحية العجلى , ولا يُستثنى من ذلك ادخال المواد الغذائية لجمهور مدن القطّاع رغم محدوديتها جرّاء الشروط الأسرائيلية في تحديد اعداد شاحنات المساعدات ” الى الحدّ الأدنى ” عبرَ معبر رفح ” المشترك بين مصر والصهاينة , بالرغم من أنّ مدينة رفح هي مدينة فلسطينية تابعة للقطاع وكانت هي والقطّاع تتبع وتخضع للسيادة المصرية قبل حرب حزيران – يونيو لعام 1967 .
بجانبِ ذلك وبذات الستراتيجية في ” شقّها العسكري او الحربي ” فلابد ان استفادت قوات المقاومة داخل شبكات الأنفاق المعقدة في اعادة تنظيم اللوجستيات القتالية واعادة برمجتها بالضد مّما ترصده الأقمار الصناعية ووسائل الإستطلاع والتصوير الجوي خلال أيام الهدنة هذه , وخصوصاً في ظلام الليل .
في الإشارة والتعرّض لمديات الإستفادة والمنفعة من هذه الهدنة اليتيمة , فما يتسيّد الأطراف المستفيدة منها , فهم الأسرى او المحتجزين الفلسطينيين الذين تحرّروا توّاً من اقفاص ومعسكرات الإعتقال الإسرائيلية , والتخلّص من آليّات التعذيب الجسدي والنفسي فيها , يصاحب ويرافق ذلك الرهائن الأجانب ومزدوجي الجنسية الذين افرجت حماس عنهم .. ايضاً فالمفرج عنهم من الإسرائيليين ” غير العسكريين ” في الهدنة , فيجري ايلاجهم ضمن اولويّة قائمة المستفيدين والفرحين , حيث أنّ مسألة أسرى الحرب وبِبُعدها التأريخي البعيد القِدَم , فإنّها مذكورة او مُشار لها في القرآن الكريم وفي الإنجيل وفي التوراة ..
من الجانب الآخر او لنظام تل ابيب , فعملية التبادل المشتركة قد خفّضت نسبيّاً وبشكلٍ محدود من الحالة الإسرائيلية المناهضة والإحتجاجية جماهيرياً بالضد من نتنياهو , وسياسته في التمادي بهذه الحرب , ولعلّ ذلك ” افتراضيّاً ” قد يقلّل بمحدوديةٍ ما من ديناميّة التظاهرات والإحتجاجات الأممية التي تعمّ الدول الأوربية قبل العربية والإسلامية .! او ما يفوقها بأضعافٍ مضاعفةٍ كمّياً ونوعياً
انّما ولكنّما ما يصعب للغاية من استقراء مديات الإستفادة الإسرائيلية من هذه الهدنة , فإنّما يكمن فيما ستحصل عليه الأجهزة الأستخبارية الإسرائيلية من معلوماتٍ تحليليةٍ ومصنّفة عن الصور الجوية وغير الجوية عن تحركات ” حماس وشقيقاتها ” في هذه الهدنة , وخصوصاً ضمن اساليب التمويه والمخادعة التكتيكية , وهو ما ستظهر افرازاته في الهجوم الإسرائيلي ” جواً وبراً وبحراً ” بعد انتهاء الهدنة وتمديدها .! , وستغدو معركةً كبرى وعظمى أشدّ عنفاً وقساوةً ممّا قبل الهدنة , والتي كانت وكأنها استراحةُ المحارب القصيرة الأمد .!