23 ديسمبر، 2024 4:20 ص

” ميني ” حوار , حول الحوار الوطني .!

” ميني ” حوار , حول الحوار الوطني .!

لا يختلفُ إثنان , او حتى واحدٌ مع نفسه .! في أنّ مجرّد طرح اجراء حوارٍ وطني , انما يشكّل ظاهرة صحية ونافعة لابدّ منها تلافياً لما قد تفرزه اوضاع اللا حوار المتأزمة عموماً او في احايينٍ سياسيةٍ ما , والمعروفُ منذ القِدَم أنّ هكذا حواراتٍ قد تتطلّب عقد اكثر من جلسة او جَلَسات بين الفرقاء المتحاورين , وما يستلزم من توقفات وانقطاعاتٍ تكتيكية لخدمة وإثراء وتغذية روح الحوار , وجعلها قابلة للتنفس والتنفيس ايضاً عن مطبّاتٍ ما اثناء التحاور والحوار , كما أنّ كلّ اطراف المتحاورين الذين قد يمثلون جهاتٍ سياسيةٍ متضادة , فإنّهم على ادراكٍ مطلق ومسبق أنّ هكذا حوار قد لا يصل الى النتيجة الختامية المتوخاة < واحدى اسباب ذلك قد تضحى الى عدم ادراك ” فنّ الحوار ” لبعض الأطراف المتحاورة ومديات تزمّتها ايضا > , وهذا ما قد يدفع او يجرّ الى تجديد الدعوات للحوار حتى بعد فوات الأوان الآني , ومهما تبلغ اعداد الضحايا والثكالى وربما السبايا .!

   إنّما ولكنّما , أنْ لمْ تمضِ ولم تكتمل 48 ساعةٍ على دعوة رئيس الوزراء لإجراء حوارٍ شموليٍ لكلّ اطراف الساحة السياسية العراقية , والتي حظيت هذه الدعوة بتأييدٍ من دول الإتحاد الأوربي ومن بعض القوى السياسية , والأخرى الجماهيرية , لتعلن بعض الأطراف السياسية ذات الوزن الثقيل شروطاً مسبقة كأنها او تكاد تغدو شبه تعجيزية .! , إحدى تلك الجهات اشترطت انسحاب القوات الأمريكية من العراق قبل اجراء هكذا حوار وطني , بينما جهةٌ سياسية اخرى طالبت أن يكون الحوار بعد الإنتخابات المقبلة قرب نهاية هذه السنة , لكنّ كلتا الجهتين او التنظيمين لم يكشفا او يوضّحا ” في الإعلام ” مدى تعارض انعقاد الحوار الوطني بدون تحقيق او تنفيذ هذين الشرطين .! , وإذ اخترنا او أشرنا لمواقفهما السريعة والمقصودة , فكأنموذجين فقط , ولا يعني عدم وجود اطرافٍ  مماثلة ولحدّ الآن .!

وإذ الموافقة على عقد مثل هذا الحوار ومبدئياً على الأقل .! يمثّل تعبيراً عن حُسن النوايا او النيّات كمحاولةٍ اولية لصهر وإذابة الخلافات والإختلافات التي تعاني منها الدولة والمجتمع , لكنّه وللحقيقة فإنّ اطرافاً سياسيةً اخرى تعلن عن تأييدها لعقد الحوار لأجل تجنّب الإحراج عن رفضها له وسيّما في الوقت الحالي المبكّر , بينما هنالك بعض الأطراف الأخرى قد تؤيّد وتشارك في جَلّسات هذا الحوار المرتقب نسبياً بغية عرقلته من الداخل ووضع مطباتٍ ومساميرٍ ذرائعية لعدم إنجاحه , ولا يشمل مثل ذلك القوى الوطنية الصادقة لمشاركتها الفاعلة في التحاور الإيجابي مع الأطراف الأخرى .

   وإذ لا نرومُ ” هنا ” الذهاب بعيداً ولا الى خارج الحدود .! ومدى انعكاسات ذلك على قيام او اجراء الحوار الوطني او رفضه واستبعاده , لكنّه ومن نواحٍ مبدئية واخرى فلسفية وواقعية , فإنّ مثل هذه الحوارات تتطلّب إجراء حوارٍ مع النفس , او حوارٍ ذاتيٍّ , وحيث هذا وكأنه محالٌ ومحرّم أمام ضيق الأفق والمصالح الضيّقة , وعلى الجمهور العراقي تحمّل المزيد من الأعباء والتضحيات والضحايا , وتقديمها قرباناً قسريّاً لمجموعةٍ من اشخاص يتحكّمون بالمصائر والأرواح وسُبُل البقاء او الزوال .!