22 أكتوبر، 2024 4:20 م
Search
Close this search box.

ميسي ام زوجتك ؟

من غير العادل إلقاء اللوم دائما على الأوضاع الأمنية المتدهورة لتأثيراتها السلبية على سير الحياة في مدينة الموصل عاصمة نينوى، بينما يتم التغاضي عن منغصات أخر لا تقل تهديدا لسلامة المجتمع وتماسك بنيته، المقصود هنا…
هو التفكك الأسري الذي أصبح معضلة اجتماعية خطرة نبهت الباحثين الاجتماعيين إلى ضرورة التحرك العاجل لإيجاد حلول علمية لها، وإلا فان نتائجها ستكون وخيمة في المدى المتوسط والبعيد.
واستنادا على الإحصاءات الصادرة من المحاكم فان عدد قضايا الطلاق في الموصل تضاعف ثلاث مرات في اقل تقدير خلال السنوات الخمس الماضية، حتى أنها وقضايا الإرهاب تستحوذان حاليا على جل أعمال القضاء ونشاط المحامين.
العامل الاقتصادي هو المتهم الرئيس في هذه المعضلة بحسب الباحثين، فغالبية الموصليين يقيمون في منازل عائلاتهم لعجزهم ماليا عن الاستقلال في بداية زواجهم خاصة وان أسعار الوحدات السكنية في تصاعد مستمر، ولا عجب أن تجد ثلاثة أو أربعة أشقاء يعيشون سويا مع زوجاتهم وأطفالهم وأبويهم، مما يفتح الباب على مصراعيه لتدخل أطراف عديدة في حياتهم الخاصة.
وعموما ينطبق هذا الكلام على الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15-25 وهم يشكلون نسبة عالية من المطلقين في الموصل، فبموجب إحصائية العام الماضي تشكل هذه الفئة نحو 75% من إجمالي المطلقين.
صحيح أن الانفصال لا يتم إلا بعدما يستنفد المصلحون الاجتماعيون محاولاتهم لثني الزوجين عنه، لكن الواقع يشير إلى أن هذه المحاولات غالبا ما تكون غير مجدية، لان تحريك قضية مخالعة في المحكمة تعد بالنسبة لطرفيها أو احدهم أمرا محسوما لا تراجع عنه، ويبدو ان هذا التوجه أصبح أمرا واقعا في مجتمع محافظ جدا كالمجتمع الموصلي.
صدى كلمات القاضي وهو يقرأ قرار المخالعة، قد تتحول في باحة المحكمة إلى صراخ وشتم بين أفراد عائلة الزوجين المنفصلين، وأحيانا تتطور إلى اشتباكات بالأيدي تخلف جروحا وكدمات، لكنها بالتأكيد لن تكون اشد إيلاما من معاناة الأطفال الذين ينتظرهم مستقبل طويل من الشتات.
من هنا فان التفكك الأسري دخل ضمن نطاق اهتمام منظمات المجتمع المدني، فضلا عن المؤسسة الدينية التي كثفت مؤخرا توجيهاتها لخطباء الجوامع لتذكير الناس “بالثواب الكبير” الذي يسجل للساعين في الإصلاح بين الأزواج وأيضا حث الجميع على احتواء مشاكلهم العائلية.
المعنيون بالقضية باتوا يتحينون الفرص للتوعية بمخاطرها إلى درجة أنها باتت تقحم بشكل غريب في مناسبات عديدة، مثلا قبل بضعة أشهر علقت نقابة محامي نينوى لافتة على احد جدران المحكمة تدعو إلى الرد على الفيلم الأمريكي (براءة المسلمين) المسيء للدين الإسلامي من خلال “المساهمة في الحد من تفشي ظاهرة الطلاق”!
عندما قرأها احد المحامين أول مرة بسط كفيه وصرع شفته السفلى مستغربا من الربط بين قضيتين مختلفين تماما، لكن زميلا له سرعان ما قاطعه قائلا:
-طالما أننا بحاجة ماسة لجذب اهتمام الأوساط المثقفة والرسمية والشعبية لمشكلة الطلاق فلن أعجب أبدا من إتباع أية وسيلة تحقق ذلك .. حتى وان كانت اللافتة توصي الأزواج بتجنب متابعة مباريات )الكلاسكو(  معا إذا كان الزوج “برشلوني” متعصب لميسي والزوجة “مدريدية” أو العكس، لان ذلك يضعف الأواصر العائلية بينهما وربما يؤدي الى انفصالهما!

أحدث المقالات