الميزان الذي تتعامل به الدول الكبرى مع العرب ذو كفتين , هما التبعية الشاملة المطلقة , والنفط المملوك بالسياسة والعدوان , ولا كفة ثالثة بينهما.
فالدول العربية عليها أن تكون في حالة ذيلية تابعة للقوى العالمية والإقليمية , وأن تهيمن على ثرواتها قوى تحدد مصير قوى مناوئة لها , وبذلك تتحول المنطقة إلى ميادين للصراعات والتجاذبات , التي تحقق أعلى درجات الإتلاف الذاتي والموضوعي.
وهذا ما تجري عليه الأحداث والتطورات القائمة , فلا يُسمح بالإستثمار بالطاقات والقدرات والثروات , ولا يجوز لجالس على الكرسي أن يفكر بخدمة دولته ومواطنيها , وإن تجرّأ على ذلك فستنصب له الأفخاخ المزدوجة والمعقدة , التي ستفقده رشده وتسقطه صريعا فيها.
هذه خلاصة حكاية ما يتحقق في الواقع العربي من أقصاه إلى أقصاه , وهي هجوم شرس شامل يستهدف العقل والروح والنفس والمعتقد , ويستثم الدين كوسيلة للتفتيت الثبوري , الذي يوفر الآليات اللازمة لتمويق لحمة الوجود الوطني والإنساني , وتحويل البشر إلى نثار يتشظى لإفناء ذاته ومحق مصيره.
إنها دائرة ثبورية مفرغة , يدور بها القابعون في الكراسي , الراتعون في أحضان أسيادهم , الذين يعززون وجودهم في السلطة , لتمرير أجندات القضاء على الوجود العربي , وسحق الإرادة وتمويت التطلعات , وإعتقال الشباب الصاعد في خنادق الضلال والبهتان , ودفنه في إجداث الماضيات , وتشجيعه على ذرف الدموع وإستلطاف الويلات.
ميزان أليم شديد حكيم , تتحرك كفتاه بهدوء وترسيم مأمون , وبمعايير ذات موازين معلومة , ونتائج محسومة , وكأنها تجري بحسبان دقيق.
فلن يخرج العرب من كفة التبعية الشاملة المطلقة للآخرين , ولن يتمتعوا بخيراتهم , بل بثرواتهم يحترقون , ويتحولون إلى رماد منثور.
فهل من إرادةٍ ذاتِ عزمٍ عنيد؟!!