مع اقترابنا من بداية العام الإيراني الجديد، يصبح النقاش حول الميزانية في العام المقبل لنظام الملالي أكثر سخونة وإثارة للجدل في نفس الوقت. حتى أنه حتى كبار مسؤولي النظام يسخرون منها في صحافتهم؟ لماذا وما هو السبب؟ نظرة موجزة على الموضوع.
في 2 ديسمبر / كانون الأول، قدم أميري وهو مساعد روحاني في الشؤون البرلمانية، مشروع ميزانية العام المقبل إلى مجلس الشورى للنظام، والذي يتضمن زيادة بنسبة 47 في المائة في الإيرادات الحكومية والنفقات العامة.
ميزانية العام الجاري كانت 570 ألف مليار تومان. الميزانية التي أطلق عليها خبراء النظام “ميزانية وهمية” بسبب انخفاض مبيعات النفط (300 ألف برميل في اليوم) (مشرق نيوز – 8 ديسمبر2019). في حين اعتمد مشروع قانون الميزانية لهذا العام، على بيع مليون برميل من النفط يوميا!
والشيء الذي يبدو سخيفًا ومثيرًا للسخرية هو أن النظام قدم مشروع قانون ميزانية إلى البرلمان مع “استثمار وهمي” معتمدا على وصول بايدن للرئاسة و”إمكانية رفع أو تخفيف العقوبات” وما يترتب على ذلك من “زيادة مبيعات النفط اليومية إلى 2.3 مليون برميل يوميًا بقيمة 40 دولار”. وهو أمر لا تتفق عليه حتى الزمر الحاكمة في إطار الصراع بين العقارب. فقال قاليباف رئيس مجلس شورى الملالي بهذا الصدد “حتى النفط والسندات المالية ليست مداخيل مستقرة. يجب أن تكون الحكومة واقعية في عرض الميزانية. ” (3 ديسمبر2020)
الحكومة تعتمد على رفع العقوبات بوصول بايدن لكنها مخطئة بشدة. لأنه لن يكون ذلك سهلاً حتى لو حذا جو بايدن حذو باراك أوباما مما فعله أو لم يفعله. لأن النظام يجب أن يتجرع كأسا أو كؤوسا من السم. وإذا لم يفعل، فإن مواجهة المجتمع الدولي هي الطريقة الثانية التي يكون فيها “رفع الحصار” مجرد سراب. يقول قاليباف عن مشروع قانون الميزانية للعام المقبل، والذي يتعلق أساسًا بالبيع الخيالي للنفط: “اعتماد (الميزانية) على النفط شرّ مطلق واعتماد على الريح” (3 ديسمبر).
نظرة على بعض جوانب مشروع قانون حكومة حسن روحاني للعام المقبل
في ظل تفشي كورونا في إيران وفقد أكثر من 183 ألف شخص حياتهم حتى الآن، زادت في هذا القانون ميزانية المؤسسات العسكرية والقمعية للنظام بنسبة 11٪ وبلغت 121 ألف مليار تومان. ويظهر أن همّ النظام الأساسي هو “الأمن” والخوف من الانتفاضة الشعبية القادمة. لأن نتيجة التطورات في كل من المسارين المذكورين أعلاه هي زيادة أخرى في التضخم وارتفاع الأسعار بشكل جامح، مما سيؤدي إلى انفجار الغضب الاجتماعي.
ما يلفت النظر للغاية في مشروع قانون الموازنة للعام المقبل هو أن معظمها يشمل الشركات والمؤسسات والشركات والبنوك المملوكة للدولة والتي هي خارج نطاق سيطرة الحكومة والبرلمان وتمثل حوالي 67٪ من الميزانية التي لا يعلم أحد ما يجري فيها!
قاليباف، المعروف باعترافاته الوقحة، شكك في مشروع القانون وهو يعترف ببعض الحقائق الاجتماعية والاقتصادية وعلاقتها الهادفة بـ “دور سوء الإدارة” ويقول: ” تظهر نتائج استطلاعات للرأي أن 65 بالمائة من المشكلات ناجمة عن سوء الإدارة وأن 35 منها بسبب العقوبات.”
وبينما ترفض حكومة روحاني تخصيص الأموال اللازمة لمواجهة كورونا، رفعت حكومة روحاني ميزانية مؤسسة “سبند” من 40 مليار في العام الحالي إلى 245 مليار تومان للعام المقبل حسب تقرير لوكالة أنباء قوة القدس الإرهابية في 2 ديسمبر وهي مؤسسة كانت تخضع لسيطرة الحرسي المقتول محسن فخري زاده، الذي كانت مهمته صنع قنبلة ذرية.
وخصص في هذا القانون مبلغ 8.5 مليار تومان لـ “مؤسسة قاسم سليماني” التابعة لابنة سليماني “زينب سليماني”. وأهداف هذه المؤسسة هي: “النهوض بمدرسة الحاج قاسم، الحراك الروحي والثوري لحركة الصحوة الإسلامية، واستمرار خط الجهاد والمقاومة”، وهي تعبيرات جديدة لتصدير التطرف والجرائم الإرهابية خارج الحدود من قبل نظام الملالي.
إضافة إلى ذلك، رفع روحاني مبلغ الميزانية العسكرية من 109 آلاف مليار تومان في العام الحالي إلى 120 ألفًا و 994 مليار تومان. وهو ما يظهر زيادة قدرها 12 ألف مليار تومان مقارنة بالعام الماضي.
وبحسب القائمة المنشورة لميزانية العام المقبل، ستتلقى هيئة إذاعة الجمهورية الإسلامية 2619 مليار تومان العام المقبل، أي بزيادة 700 مليار تومان عن العام الماضي، وما يقرب من 21 ضعف ميزانية وزارة الإرشاد الإسلامي. (تعادل ميزانية 20 محافظة إيرانية أي ما يقرب من نصف محافظات إيران).
كما تنص ميزانية العام المقبل على أن IRIB سوف تتلقى ما يصل إلى 150 مليون يورو من موارد صندوق التنمية الوطنية، إذا لزم الأمر.
مؤسسة الإذاعة والتلفزيون للنظام لديها 21 قناة عامة و 16 قناة موجهة للخارج وثلاث قنوات إنترنت و 33 قناة إقليمية. تحتكر هذه المنظمة الكبيرة بث البرامج الإذاعية والتلفزيونية في إيران، ووفقًا لدستور الجمهورية الإسلامية، يتم انتخاب رئيسها من قبل زعيم النظام، علي خامنئي نفسه. وهي جزء من ضيعة الولي الفقيه عقاريا وماليا وسياسيا. أجهزة تخدم الجهل والخرافات وتنشر الأكاذيب وتروج لقمع المنتفضين الإيرانيين وتشويه صورة المناضلين ومجاهدي خلق ودعاة الحرية وهي منبر باسم الإرهاب عبر الحدود والمتحدث باسم أئمة الجمعة، ويروج لمسلسلات الانحلال الأخلاقي والابتذال في المجتمع، ودعم وزارة المخابرات في مسلسلات الاعترافات القسرية والدعاية للحفاظ على الفصل العنصري الديني والجنساني للملالي.
ويظهر مشروع قانون موازنة العام المقبل للنظام، بأي نية ونتيجة كانت، أن النظام يواجه أعمق أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية. نظام وصل إلى نهايته بعد 42 عاما ولا خيار أمامه سوى الركوع أمام إرادة شعب إيران الثائر.
الكلمة الأخيرة،
ما لا شك فيه أنه على الرغم من العقوبات القاتلة التي فُرضت على النظام على مر السنين، غير أن قادة هذا النظام، من علي خامنئي ومسؤولين عسكريين ومدنيين آخرين إلى أجهزة نهب مختلفة تابعة للزمر الحاكمة، غير مستعدين لدفع حتى تومان واحد، من “مئات المليارات من الدولارات” المسلوبة من الناس. لإنفاقها لحل مشاكل المواطنين والبلاد!
وهذا هو السبب في أن استمرار الانتفاضة والحراك الأخير للإطاحة بهذا النظام المناهض للشعب هو واجب وطني وعاجل أكثر من أي وقت مضى للإيرانيين الملتزمين بحرية إيران والإيرانيين في إقامة حكومة وطنية وشعبية وعلمانية ديمقراطية. وفي هذه الحالة سيستعيد العالم أمنه واستقراره المفقودين! ولن تتمكن أي قوة في العالم من إنقاذ دكتاتورية الملالي من السقوط!
يشهد التاريخ أن مثل هؤلاء الطغاة لن يسقطوا إلا بعامل الغضب الشعبي وارادة الأمة الحاسمة! لذا فإن السمة الواضحة للخطوة التالية للانتفاضة معروفة بالفعل وهي إستراتيجية معاقل الانتفاضة!