23 ديسمبر، 2024 2:46 م

“ميرسي” لمصر “مرسي” !!

“ميرسي” لمصر “مرسي” !!

رغم أني زرت مناطق مختلفة في مشارق الأرض ومغاربها إلا أنني كلما يمر اسم “مصر” أشعر بالخجل لأنني لم أزر “أم الدنيا” كما وصفوها , وحدث أن دعيت لملتقى الإعلام السياحي في أبريل الماضي لكنني اعتذرت بسبب ظروف العمل , وقبل ذلك وتحديدا في عام 2007 كلمني الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي عن دعوة للمشاركة في مهرجان شعري يقام في القاهرة مشترطا علي تدبير موضوع تأشيرة الدخول فاعتذرت
لذا حين أبلغني الدكتور محمد بن مبارك العريمي رئيس الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء إنني سأكون ضمن  وفد الجمعية الذي سيتوجه الى القاهرة لإقامة الأيام الثقافية العمانية , سألته:ماذا عن التأشيرة؟
أجاب: دعوتنا رسمية وتحدثنا مع الملحقية الإعلامية بالسفارة المصرية بمسقط بتسهيل الإجراءات , وزودتي برسالة فطلبت إجازة من العمل لكي لا تحول ظروفه دون تحقيق الحلم !
وحين توجهت الى السفارة لم تكن الأمور تبشر بخير ومع ذلك قلت أنتظر . وبعد أيام قليلة جاءني رفض !!!
أي والله!
 والرفض ,كما قيل لي ,  جاء من الدوائر الأمنية المصرية بسبب  جواز سفري العراقي , وهو الجواز نفسه الذي سافرت به الى بريطانيا أكثر من مرة وفرنسا والصين والمانيا وبلجيكا وهولندا والجزائر وتونس ولبنان ودول عربية أخرى وخليجية , لكن المشكلة ليست هنا بل إن “الأخوان” يتحسسون من الأخوة العراقيين ” كما همس بأذني أحدهم !
وكم ذا بمصر من المضحكات
قالها المتنبي ذات يوم وتلجلجت في خاطري المكسور على ما آلت  اليه الأمور !
ما الذي حصل؟ أليست مصر هي مصر التي يقترن اسمها دائما “بالعروبة” ؟
ألم ينطلق من  مصر  الفكر القومي مزينا بالشعارات  العروبية التي تشدق بها السياسيون ورجال الإعلام والثوريون المتحمسون ؟
أليست مصر حاضنة العرب , وبخاصة مثقفيهم وفنانيهم وسياسييهم ؟
إذن , كيف تسد الباب بوجه مواطن  عربي ؟  بينما الأجانب والعرب الذين يحملون جوازات سفر أجنبية يسرحون ويمرحون بمنافذ الدخول والخروج ,  وليس أمام شرطتها سوى وضع ختم على تلك الجوازات مرفق بابتسامة و….”ادخلوا مصر إن شاء الله  آمنين”
وكيف لمثلي أن يدخلها مادمت على قيد “العراق”؟
وما أمره من قيد ! وأحلاه!
رغم أن العراقيين ملأوا أيام النظام المصري السابق ,غير المأسوف عليه, القاهرة وتحديدا مدينة “6 أكتوبر” !!
ولم يقف العريمي مكتوف الأيدي أمام الرفض فقد بذل جهدا من خلال علاقاته في مسقط والقاهرة وكذلك حاول  المسؤولون العمانييون في الخارجية العمانية الحصول لي على إستثناء !كوني أقيم  في سلطنة عمان منذ عقد ونصف وأعمل في صحافتها الثقافية , وباءت كل المحاولات بالفشل !
وبذلك حرمت من المشاركة بهذه الفعالية ولقاء أصدقائي وزيارة القاهرة التي طبعت بها عدة كتب لي وهي” كواكب المجموعة الشخصية”و” الصعاليك يصطادون النجوم” و” ماوراء النص ” والطبعة الثانية من ” خذ الحكمة من سيدوري”
بعض الأصدقاء المسؤولين الذين حاولوا تدارك هذه “الفضيحة” الأخلاقية العروبية قالوا ” لو كنا في زمن النظام السابق لاستطعنا عمل شيء لكن اليوم “ضاع الخيط والعصفور” !
هل وئد الربيع العربي في مهده ؟ ماذا عن هتافات “ميدان التحرير”؟ و”اصحي يامصر” ووو
ثم , بالله عليكم , أليس من المبكر الترحم على نظام حسني مبارك!؟
بخاصة إنه لم يكن بالنظام الذي يستحق الترحم عليه
ولكن يبدو أن الأمور تسير , عربيا , على مستوى البنى السياسية , نحو الخيبة
ذلك لأن جوهر هذه البنى ينطلق من مقولة عراقية دارجة تردد عند اليأس من حصول أي تغيير  “نفس الطاسة ونفس الحمّام”!
وبكل أسى أردد مقطعا  للشاعر الراحل أمل دنقل كتبه في سبعينيات القرن الماضي في ديوانه”البكاء بين يدي زرقاء اليمامة”
“يا أخوتي الذين يعبرون
في الميدان مطرقين
لاتحلموا بعالم جديد
فخلف كل قيصر يموت
قيصر جديد “
ومن المضحك المبكي  إنني في اليوم نفسه الذي بلغني فشل تلك المحاولات منحتني السفارة الفرنسية بمسقط تأشيرة “الشنجن ” لرحلات متعددة !! للمشاركة في فعاليات قافلة سبلة عمان الثقافية الخامسة التي تقام بباريس وبروكسل
واعتبرت تلك الأعطية  هبة ربانية من العالم المتقدم لكينونة  تنتمي لوحل العالم الثالث تائهة في ظلام ظلم “ذوي القربى الأشد مضاضة “, من باب جبر الخاطر المكسور
وإعادة الثقة للذات …
وإصلاح ما أفسد الزمن العربي وعكّر المزاج!
لذا أقول للسفارة الفرنسية بملء فمي : “ميرسي”
أما مصر “مرسي”
فلن  أقول لها شيئا سوى ماقال المتنبي قبل أكثر من الف عام:
وكم ذا بمصر من المضحكات
ولكنه ضحك كالبكا !