تتفاعل بشكلِ استثنائي الحوارات التي يمكن لنا أن نطلق عليها ( بحوارات التكنوقراط ) ، و لو قام أحدهم بمراجعة كم من العراقيين قصدوا المعاجم و القواميس و محركات البحث المختلفة ، لمعرفة ماذا يعني مصطلح التكنوقراط بشكل مفصل ، لوجد إن ارتفاعا بالطلب المعرفي بمفهوم التكنوقراط بلغ أوجه بعد أن دعى رئيس مجلس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي بضرورة تغيير وزارته ، و تشكيل مجلس وزراء على أساس مبدأ التكنوقراط ، و منذ ذاك اليوم و المصطلح يشغل الحوارات الإعلامية و السياسية التفاوضية ، و مثل كل مرة و على طريقة ( كلا يجر النار الى قرصه ) سترشح هذه المفاوضات و الحوارات ( تكنوقراطات ) أي تفسيرات متعددة للتكنوقراط ، و يمكن أننا سننشأ معجم عراقي كامل لمعاني هذا المفهوم ، هذه المقدمة ليس ترفا يذيعه كاتب مقال ؛ بل أن حالة من غياب المعايير و المفاهيم في العراق صارت لا تطاق ، و إليكم مثال : في استضافة رئيس الوزراء العبادي الأخيرة في مجلس النواب ، قال : أن تشكيلات الحشد الشعبي ستشارك في عمليات تحرير مدينة الموصل المحتلة من قبل تنظيم داعش الارهابي ، أنبرت الاطراف ؛ هذا يقول : مشاركة الحشد في تحرير الموصل يثير الفتنة الطائفية ، و فئة أُخرى ترى على العكس من ذلك بالكامل فهي ترى أن مشاركة الحشد الشعبي ستقضي على الفتنة الطائفية ! أي معادلة هذه ؟ و أي تباين هذا الذي يبلغ هذا البون الشاسع من الاختلاف حول موضوع واحد ؟!
بتقديري ان الامر برمته يرتبط بالمفهوم الذي سيتعرض الى التشويه و هو التكنوقراط ، هؤلاء لو كانوا خبراء متخصصون مخلصون ما قالوا هذا و غيره ، و إليكم صورة واضحة ففي السلطة القضائية يجتمع أكثر من جيل من قضاة العراق الذين يمتد تأريخهم أكثر من نصف قرن و إلى الان ، و يقومون بعملهم في هذا المستوى العالي من الوفاق و الانسجام ، و لإذكركم بإمر حصل من غير أن يسلط عليه الضوء بشكل مناسب ، و هو : عندما عزم رئيس مجلس القضاء الاعلى تقديم إستقالته للمجلس ، كيف أن أعضاء المجلس رفضوها بشكل جماعي ، هذا الوفاق و الانسجام الذي نلاحظه بين قيادة السلطة القضائية واحدة من معالم الخبرة و الاختصاص ، فهل أدرك المتخالفون دوما سبب الخلاف ؟