23 ديسمبر، 2024 8:01 م

مو بدينه انودع اعيون الحبايب مو بدينه

مو بدينه انودع اعيون الحبايب مو بدينه

هذا عنوان لاغنية للفنان الكبير فؤاد سالم الذي رحل بهدوء ، ودون ان يلقى اية عناية من الدولة العراقية التي كانت نتيجة من نتائج غربته ونضاله وصوته العالي هو ومن معه من الفنانين، حيث ان الفنان خلق من قبح الديكتاتورية انغاما جميلة تغنى بها الجميع، في حين ان السياسي حول الجمال الى قبح في هرولته خلف الفوز والسيطرة والسلطة، لقد اعطى فؤاد سالم للعراق مالم يعطه اي سياسي، بل على العكس ماصنعه فؤاد والجواهري والبياتي ، دمرته الاحزاب التي حلت بفناء العراق بعد 2003 ،  من منا لم يدندن مع فؤاد سالم حين يطرق باب الوطن، دكيت بابك ياوطن، وانه غريب اببابك، بس كلبي يسمع دكتك ، ارضه يذلني اترابك.
اشكالية السياسي والمثقف، اشكالية قديمة وكبيرة، فالسياسي دائما يحاول سرقة جهود الفنان والمثقف ليضعها في جيبه، ولهذا نرى الثورات تنقلب على نفسها، فلو نظرنا الى جهود احمد فؤاد نجم والشيخ امام وصلاح جاهين، وسواهم من شعراء الثورة وفنانيها وبحثنا عنها، لوجدناها قد دخلت في جيب حركة سياسية مشبوهة متخلفة حاولت وتحاول ان تستعبد الشعب المصري وتحكمه بالحديد والنار، ولكن الوعي المتأصل في الروح المصرية المتطورة وعدم وجود الثوابت الخانقة للحرية على اساس ان الاخوان كانوا في بداية حكمهم المزعوم، جعل من السياسي احمقا في مصر ليسلم الامر تحت ضغط شعبي كبير، وانا على ثقة ان نشيدا واحدا ينشده مطرب قارع الظلم والاضطهاد بصوته، خير من الف شعار يرفعه السياسيون، واكثر جدوى من مليون رصاصة مشبوهة يأتي بها ابناء التغيير كما يسمون انفسهم، عشر سنوات ونحن كما يقول المثل : حجي مايدري بحجي، الاموال لهم والاراضي لهم والوظائف لهم ولاتباعهم، هل تعرفون دولة في العالم تعطي النائب حق تعيين خمسين فردا من اقاربه، الجهلة يملأون الدوائر و اصحاب الشهادات وضعوها على الرفوف، لقد درج السياسيون على سرقة العراق منذ عهود الملكية وحتى الان، حيث يحكى ان نوري سعيد قد اخذ عشرة آلاف متر في الوزيرية، ورستم حيدر 12 الف متر ومحمد الصدر 5 آلاف متر، ناهيك عن ما اخذه صباح ابن نوري سعيد، ونحن نسير على خطى السلف الصالح في تفريغ جيوب العراقيين ومصادرة ثروتهم وباقصى سرعة، حيث يزف وزير النفط البشرى بين حين وآخر للصوص بان العراق سيصدر 9 ملايين برميل يوميا ولسان حاله يقول حضروا جيوبكم، هؤلاء النواب والطبقة الاولى من السياسيين، وآه لو نظرتم للطبقة الثانية، الفطور اربعين خروفا، ولا اعرف من بذخ هذا البذخ من علمائنا وأئمتنا من قبل، في حين بقي فؤاد سالم يحتضر في سوريا والمناشدات على قدم وساق، مطرب ومناضل والحكومة تصم اذانها ووزارة الثقافة جعلت من الامر لايعنيها، ليبقى ابو نغم منفردا كما قضى عمره من قبل غربة وفقر وضياع الى ان وافاه الاجل ولسان حاله يقول: من جان طيّب مالبسوه جبّه، من ايموت يبنون عليه كبّه، وحتى هذا سوف لم يحصل لفنان الشعب لانه نظيف ولانه الفنان الحقيقي الذي لم يشوه فنه ولا ذاته، في الزمنين المشبوهين ، زمن الديكتاتورية البغيضة، وزمن الديكتاتورية الملعونة.