17 نوفمبر، 2024 11:37 ص
Search
Close this search box.

موقف روسيا المعروف ونرجسية بلينكن

موقف روسيا المعروف ونرجسية بلينكن

من بعد زيارة الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي ، الى الولايات المتحدة الامريكية ، والاخفاقات الكبيرة التي شهدتها ، وكما أشرنا لها في مقالنا السابق ، شهدت وسائل الاعلام الغربية ، حملة كبيرة وواسعة ضد الرئيس ” المهرج ” ، وتكتب وتشير الى سيناريوهات عديدة الى إمكانية التخلص منه ، بعد فشله هجومه المضاد بشكل كبير ، وتكبد قواته الخسائر الجسيمة بالأرواح ، وكذلك المعدات العسكرية التي دفع الغرب ( دم قلبه ) كي يوفرها للجيش الاوكراني ، والتي تعتبر صفوة الأسلحة ، والتي تباهى بها الغرب ، كونها ستغير من نتائج المعركة ، وبالتالي ستجبر روسيا للجلوس على طاولة المفاوضات ” مجبرة ” ، ، وبالتالي باتت هذه المعدات في متناول الجيش الروسي أينما تواجدت ، وفشل الغرب في تحقيق أي نصر حتى وان كان ” وهمي ” ، للتباهي به امام شعوبهم ، الذين ذاقوا ذرعا وهم يدفعون لدعم نظام فاسد وغارق في الفساد حتى ” النخاع ” ، وبعبارة أخرى ، انتهى دور ” المهرج ” الى هذا الحد ، والدور الجديد يجب ان يناط الى شخصية أخرى ، بعد ان أحترقت ورقة ” المهرج “.
واليوم بدأت تحركات دبلوماسية غربية جديدة ، لإيجاد أي صيغة ” للسلام ” ، تحفظ ما وجه الغرب أولا وآخرا لأنهم أصلا يأبهون ” بالمهرج ” ولا بشعبه ” المشرد ” ولا ببلاده التي دمرت ، وبدأنا نسمع هنا وهناك تصريحات عن صيغ عديدة ” للسلام ” من وجهة النظر الغربية ، وروسيا طبعا ، مع أي ” خطوة ” نحو السلام ، وآخرها تأكيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بأن موسكو مستعدة للتفاوض حول أوكرانيا، ولكن مع الأخذ في الاعتبار الحقائق على الأرض والمصالح الأمنية الروسي ، وقال في مقابلة مع وكالة “تاس” ، “ما زال موقفنا ساريا: نحن مستعدون للتفاوض، ولكن التفاوض مع الأخذ في الاعتبار الحقائق التي تطورت الآن على الأرض، وموقفنا معروف للجميع، مع الأخذ في الاعتبار مصالحنا، ومصالح أمننا، ومصالح منع إنشاء نظام نازي معاد على حدود روسيا، الذي أعلن صراحة هدف إبادة كل شيء روسي على أراضي كل من شبه جزيرة القرم ونوفوروسيا والتي طورها الشعب الروسي واستقر وعاش بها لعدة قرون”.
كلمات رئيس الدبلوماسية الروسي ” المخضرم ” سيرغي لافروف جاء ردا على أعلان الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف ، في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني أولاف شولتس، عقب انتهاء الاجتماع الثنائي بينهما ، أن روسيا وأوكرانيا أعربتا عن رغبتهما في الجلوس إلى طاولة المفاوضات، إلا أن شكل المفاوضات بشروط تناسب الطرفين لم يتحدد بعد ، جاء ذلك ، حيث قال توكاييف: “ناقشنا اليوم مع المستشار شولتس أن الوضع خطير للغاية، فيما عبر الجانبان الروسي والأوكراني عن استعدادهما للمفاوضات ، ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح على أي منصة، وعلى أي مستوى سيحدث ذلك” ، وشدد توكاييف ، الذي دخل على خط الوساطة ، شدد على أن لحظة “الدبلوماسية الحكيمة” قد حانت، ومن الضروري إجراء مفاوضات سلمية مع التركيز على النتائج التي تناسب الجانبين، والتأكيد على أن بلاده “ستتخذ كل الخطوات الممكنة لتحقيق ذلك” و أن أستانا تدعم مبادرات السلام التي تقوم بها مختلف الدول لحل النزاع في أوكرانيا ،
وفي الولايات المتحدة ، فانهم تحاولون ” التملص ” من مسؤلياتهم المباشرة عما يحدث ، والخسائر الكبيرة التي كبدتها لأوكرانيا ، وفي معرض رده على سؤال حول ما إذا كان يتوقع وضعا ما قد تدخل الولايات المتحدة بسببه في تناقض مع أوكرانيا ، حول حقيقة أن استعادة كييف السيطرة على بعض مناطق البلاد “تبدو مسألة صعبة” ، فقد رمى وزير خارجيتها أنتوني بلينكن ، الكرة في ملعب الرئيس ” المهرج زيزو ” ، وأكد أن القرارات المتعلقة بتقديم تنازلات محتملة تتعلق بالأراضي من أجل إنجاز التسوية في أوكرانيا، إنما يجب أن تتخذها السلطات في كييف نفسها
، وقال بلينكن في مقابلة مفتوحة عبر الإنترنت مع مجلة “The Atlantic” ، ان الرئيس الأمريكي جو بايدن ، اكد مرارا إن هذه القرارات يجب أن يتخذها أساساً الأوكرانيون أنفسهم ، ولا شيء يخص أوكرانيا يمكن أن يحصل من دون أوكرانيا ، وأضاف بنرجسية كبير ة ” وسيظل هذا المبدأ هو النبراس لكل ما نقوم به ” ، متجاهلا ما قدمته وتقدمه بلاده حتى الان والضغط على حلفاءها أيضا بتقديم الأسلحة والأموال ” لديمومة ” المعركة ضد روسيا .
وبعودة بسيطة الى الوراء ، نؤكد إن دول الغرب تتحمل مسؤولية انهيار وحدة أراضي أوكرانيا برفضها تنفيذ اتفاقات مينسك ، وأن زعماء الدول الذين شاركوا الرئيس فلاديمير بوتين في إعداد اتفاقيات مينسك تسببوا بتدمير وحدة أراضي أوكرانيا، وقد اعترفوا أنهم في الواقع قاموا بتضليل الرئيس الروسي ، ولم تكن لديهم أي نية لتنفيذ هذه الاتفاقات وهم الآن يبدون قلقهم باستمرار بشأن وحدة الأراضي الأوكرانية ، وبالتالي وبحسب تعبير الوزير لافروف ، فإنه كلما تأخرت كييف في المفاوضات مع موسكو، أصبح من الصعب التفاوض لاحقا ، وإن الخطوة الأولى لمثل هذه الاتصالات يجب أن تكون إلغاء مرسوم الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، الذي يحظر الحوار مع موسكو.
وفي الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الروسية الأمريكية ، توترا في الفترة الأخيرة بعدما أعلنت وزارة الخارجية الروسية استدعاء السفيرة الأمريكية لدى موسكو لين تريسي، وإخطارها بإعلان اثنين من موظفي السفارة الأمريكية شخصيتين غير مرغوب فيهما ، ووصف فيه نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، العلاقات حالياً بين موسكو وواشنطن بأنها “منهارة”، وأن الجانب الأمريكي هو المسؤول عن ذلك ، عاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، وفي آخر تصريح له في مقابلة مع مجلة The Atlantic ، أن إمكانية عقد لقاء بين الرئيسين الروسي والأمريكي فلاديمير بوتين وجو بايدن غير مستبعدة ، بأن كانت مثل هذه العبارات من ” المحرمات ” عند السيد بلينكن !! .
تطورات الموقف الأمريكي تجاه النظام الأمريكي آخذة في الانحسار ، فان الولايات المتحدة في طريقها الى ” الاغلاق الحكومي ” ، وأن التمويل الحكومي لأوكرانيا ينتهي مع بداية السنة المالية الفيدرالية في 1 أكتوبر، وسيبدأ الإغلاق فعليا في الساعة 12:01 صباحا ، وبالتالي فان على الكونغرس من تمرير خطة تمويل يوقعها الرئيس لتصبح قانونا ، واستحالة التنبؤ بالمدة التي سيستغرقها الإغلاق، مع انقسام الكونغرس بين مجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون ومجلس النواب الذي يقوده الجمهوريون ، كل هذا حير الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي قال “أنه لا يعرف ماذا يفعل ليمنع الإغلاق المحتمل للحكومة الأمريكية” .
كما أن امدادات الأسلحة الامريكية لأوكرانيا وكما أعلن نائب وزير الدفاع الأمريكي للشؤون المالية مايكل ماكورد، ستتأخر في حال إعلان الحكومة الأمريكية الإغلاقهما و إن البنتاغون حصل فقط على موافقة الكونغرس الأمريكي لإرسال أسلحة ومعدات عسكرية إضافية إلى كييف بقيمة 5 مليارات دولار من الاحتياطيات المتراكمة بالفعل، وفي الوقت نفسه، لدى وزارة الدفاع 1.6 مليار دولار فقط لتوقيع عقود جديدة لاستبدال المعدات العسكرية ، وأكد ماكورد أن “كل ما تبقى لدينا هو 1.6 مليار دولار، وهو المبلغ الوحيد الذي يمكن استخدامه ، ولا أعرف متى أو ما إذا كنا سنحصل على أموال إضافية” في وقت حاجة وزارة الدفاع إلى “إرسال إشارات إلى الصناعة” باستمرار من أجل ضمان تجديد احتياطات الأسلحة والمعدات العسكرية، مشيرا إلى أن البنتاغون اضطر بالفعل إلى “إبطاء هذه العملية لأن هناك احتمالا حقيقي بالاغلاق” ، وتخشى وزارة الدفاع الأمريكية من أن يؤدي الإغلاق أيضا إلى تعليق الموافقات على إنتاج المعدات العسكرية والذخائر من قبل هيئة إدارة العقود في البنتاغون (DCMA)، وهو ما سيؤثر على جدول إنتاج الأسلحة، وقد يؤدي إلى “تجميد معظم هذه العقود” .
اما فرنسا ، فقد أعلنت أنها تعتزم الانتقال من توريد الأسلحة لكييف إلى إبرام العقود العسكرية معها ، ونقلت وكالة “فرانس برس” عن وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو، ليكورنو خلال زيارته إلى كييف الخميس قوله: “سننتقل شيئا فشيئا إلى منطق يكون فيه نقل الأسلحة هو الاستثناء وليس المبدأ”، والأشارة إلى أن فرنسا ستنتقل من دعم الأسلحة إلى إبرام عقود توريد “مع دعم محتمل” من باريس ، كما تشير الوكالة إلى أن نقل الأسلحة الفرنسية باستمرار إلى كييف شيء غير مستدام في ضوء القيود المفروضة على احتياطياتها من الأسلحة، حتى على الرغم من زيادة معدلات الإنتاج التي يطلبها الرئيس إيمانويل ماكرون ، وان فرنسا ستدرس إمكانية الإنتاج المشترك لعدد من الأسلحة في أوكرانيا.
ووزير الدفاع الفرنسي سيباستيان ليكورنو ، الذي وصل إلى كييف، برفقة ممثلي نحو 20 شركة دفاع فرنسية ، هي حيلة فرنسية للتخلص من أعباء المساعدات التي تقدمها الى أوكرانيا ، فمن بين الشركات التي يرأس وفدها الوزير شركة Nexter، التي تنتج، على وجه الخصوص، مدافع هاوتزر “قيصر” التي يتم توريدها إلى أوكرانيا، وشركة Delair، التي أرسلت 150 طائرة استطلاع مسيرة إلى كييف، ومجموعة Arquus ، التي تتوقع إنشاء مؤسسة في أوكرانيا لصيانة المركبات المدرعة الموردة ، كما وصل ممثلو شركة إزالة الألغام CEFA إلى كييف على أمل توقيع عقد لتوريد روبوتات لإزالة الألغام، وشركة Vistory، التي تقترح بناء مطابع ثلاثية الأبعاد في أوكرانيا لإنتاج مكونات المعدات العسكرية ، وكذلك أشارت وزارة الدفاع الفرنسية سابقا إلى أن باريس تعتزم “تغيير نموذج المساعدة لأوكرانيا مع توقع استمرار النزاع” ، وفي أواخر العام الماضي، أنشأت فرنسا صندوقا بميزانية قدرها 200 مليون يورو لمنح كييف الفرصة لتقديم طلبات شراء الأسلحة مباشرة من الشركات المصنعة الفرنسية ، والسؤال هو ، متى ستبدأ هذه الشركات بالعمل ؟ في وقت ان الأراضي الأوكرانية بأكملها ، هي هدف مشروع للقوات الجوية والفضائية الروسية ، حيث سبق وان أعلنت موسكو ، ان كل الأسلحة الغربية ومصانعها ، في الأراضي الأوكرانية هي اهداف عسكرية لها .
اما في أوكرانيا ، فقد اعترف مستشار مكتب الرئاسة الأوكرانية، ميخائيل بودولياك، بأن صواريخ “أتاكمس” و”تاوروس” لن تحل مشاكل القوات الأوكرانية بشكل جذر ، و “حتى عندما نحصل على صواريخ “تاوروس”، وسنحصل عليها، وحتى لو حصلنا على “أتاكمس”، فإن ذلك لن يعوض الفارق في العدد الذي لدى روسيا والمدى لتلك الصواريخ” ، في حين ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلا عن مصادر مطلعة ، أن السلطات الألمانية أجلت إرسال صواريخ “تاوروس” بعيدة المدى للقوات الأوكرانية بسبب المخاوف من الانجرار إلى مواجهة مباشرة مع روسيا ، وفي الوقت الذي كانت الولايات المتحدة قد أعلنت أنها ستقدم لأوكرانيا 31 دبابة من نوع “أبرامز” ، أعلن المتحدث باسم مجموعة القوات الشرقية للجيش الأوكراني، إيليا إيفلاش،”ستؤثر الظروف الجوية الصعبة والأمطار على مسار الأعمال القتالية، وبالتالي على استخدام الدبابات الجديدة في ساحة المعركة” ، وعبر كيريل بودانوف رئيس مديرية المخابرات العامة بوزارة الدفاع الأوكرانية، عن قلقه في مقابلة مع موقع Warzone، من إن دبابات “أبرامز” الأمريكية، التي تنتظرها كييف بلهفة “لن تصمد طويلا” في الجبهة.
اما في الجانب المالي ، فقد أعلنت وزارة المالية الأوكرانية ، أن الدين العام الأوكراني ارتفع مليار دولار في أغسطس، ليصل إلى 134 مليار دولار ، مشيرة إلى أن الدين الخارجي يمثل 70% من المبلغ إجمالي الدين ، وإلى أن مشروع الميزانية للعام المقبل ينص على زيادة الدين العام إلى 221.5 مليار دولار، أو 104.6% من الناتج المحلي الإجمالي ، في الوقت نفسه أعلن رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال ، أن الحكومة اعتمدت مشروع ميزانية لعام 2024 بإنفاق عسكري قياسي قدره 45.6 مليار دولار، وهو ما يتجاوز كل الإنفاق على المجال الاجتماعي والطب والتعليم ، وقال ، إن سلطات بلاده تلقت فعليا منذ بداية هذا العام 13.5 مليار يورو من الاتحاد الأوروبي على شكل معونة مالية ، وأشار شميغال إلى أن إجمالي الدعم الذي قدمه الاتحاد الأوروبي لكييف منذ فبراير عام 2022 يصل الآن إلى حوالي 70 مليار يورو ، في حين أشار رئيس الوزراء الأوكراني الأسبق نيقولاي أزاروف من جانبه ، إلى أن الدين الوطني الأوكراني قد ينمو إلى مستوى 173 مليار دولار بحلول نهاية العام ، وتوقع صندوق النقد زيادة الدين العام لأوكرانيا عام 2023 إلى 88.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وفي عام 2024 إلى 98.6٪ منه، وفي 2025 إلى 100.7٪.

أحدث المقالات