22 ديسمبر، 2024 8:21 م

موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 17/17

موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام 17/17

نشرت كمقالة باسمي المستعار (تنزيه العقيلي) 2009.

بينما النص كان سيكون أكثر مقبولية لو كان كالآتي:

«قَد كانَت لَكُم أُسوَةٌ حَسَنَةٌ في إِبراهيمَ وَالَّذينَ مَعَهُ، إِذ قالوا لِقَومِهِم إِنّا بُراءُ مِمّا تَعبُدونَ مِن دونِ اللهِ، دونَ أَن نَبرَأَ مِنكُم، حَتّى لو بَرَأتُم مِنّا، كَفَرنا بِدينِكُم، وَلن نَّكفُرَ بِما بَينَنا وَبَينَكُم مِن صِلَةٍ وَّرَحِمٍ وَّمَوَدَّةٍ، وَّلَن تَبدُرَ مِنّا عَداوَةٌ أَو بَغضاءُ لَكُم أَبَداً، مَا استَقَمتُم في دُنياكم وَصَلحتُم وَأَصلحتُم وَلم تَكونوا مِنَ المُفسِدينَ، سَواءٌ آمَنتُم بِاللهِ وَحدَهُ وَبِما آمَنّا أَو لَم تَكونوا بِهِ مِنَ المؤمِنينَ، وإن تُؤمِنوا فَعَسى أَن يَنفَعَكُم إِيمانُكُم، وَما نَحنُ بِمُغنينَ عَنكُم وَلا عَن أَنفُسِنا شَيئاً مِّنَ اللهِ، وَما نُزَكّي أَنفُسَنا، وَلا نَقولُ إِنّا خَيرٌ مِنكُم، فَاللهُ أَعلَمُ بِنا وَبِكُم وَبِما كُنّا وَإِيّاكُم بِهِ مُختَلِفينَ، وَما كُنّا فيهِ مُتَّفِقينَ، وَإِذ قالَ إِبراهيمُ بِما أشعَرَ اللهُ قَلبَهُ من رَحمَةٍ لأَبيهِ لأَستَغفِرَنَّ لَكَ وَلِنَفسي، وَما أَملِكُ لَكَ وَلا لِنَفسي مِنَ اللهِ مِن شَيءٍ؛ رَّبَّنا عَلَيكَ تَوَكَّلنا وَإِلَيكَ أَنَبنا وَإِلَيكَ المَصيرُ».

فأي النصين يا ترى كان سيكون أبلغ، وأكثر تأثيرا، وأقرب للإبقاء على المودة والاحترام المتبادلين، بدلا من التأسيس للعداوة والبغضاء الأبديتين؟ وأي النصين يا ترى أكثر تنزيها لله، وأليق برحمته وعدله وحكمته؟

وأحب، قبل أن أختم هذا المقدار من البحث في هذا الموضوع، أن أذكر نصا من النساء 82، ألا هو:

«أَفَلاَ يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ، وَلَو كانَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدوا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»

فأقول إني لأجد أن القراءة الصحيحة للنص كان ينبغي أن تكون:

«أَفَلاَ يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ، وَلَو كانَ مِن عِندِ اللهِ لَما وَجَدوا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»

وليس «لَو كانَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدوا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»، فالاختلاف، والتناقض والتعارض، والمتشابهات المربكة والقابلة لشتى التأويلات المتنافية، وغياب الحكمة، والارتباك في كثير من النصوص، والخلل في الربط بين الموضوعات المتداخلة تداخلا غير منطقي؛ كل ذلك يقول لنا، أن الله لو أراد أن يؤلف كتابا، لكان كتابه أحكم بكثير، وأتقن بكثير، وأبلغ بكثير، وأرحم بكثير، وأعقل بكثير، وأوضح بكثير، مما نجده في القرآن، مع كل تألقاته وجمالياته النسبية التي لا ننكرها، والتي سأعرض لها بإذن الله في كتاب آخر، ولكن حقا نقول:

«أَفَلاَ يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ، وَلَو كانَ مِن عِندِ اللهِ لَما وَجَدوا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»

حقاً:

«لَو كانَ مِن عِندِ اللهِ لَما وَجَدنا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»

فعلاً:

«لَما وَجَدنا فيهِ اختِلافاً كَثيراً»

ومرة أخرى:

«أَفَلاَ يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ»

أكتفي بهذا المقدار، ولو شئت أن أستقصي كل النصوص المعنية بهذا الموضوع، لكان ذلك مادة لكتاب من القطع الكبير، لأنها كانت مقالة، ولكن ما لا يدرك بتمامه، فليدرك بأي مقدار ممكن منه. والحمد لله المتنزه المتعالي على حسن توفيقه، دون دعوى امتلاك الحقيقة النهائية، بل هو بحث متواصل عن الحقيقة التي ربما لن ندركها على وجه التمام والكمال، فالمعرفة الإنسانية تبقى نسبية؛ تصيب وتخطئ، تُؤَيَّد وتُنقَد، وَتُعَضَّد وتُنقَض، وتُصحَّح وتُستبدَل، وتُكمَّل وتُنقَّح، وتُهذَّب وتشذَّب، وتُنسى وتُستذكَر، وتنمو وتتلاشى. ويبقى عقل الإنسان معطاءً مُبدِعا مُتكامِلا مُتحرِّيا الصواب، أو ما هو أكثر صوابا، طالبا أبدا الاستزادة من الثروة المعرفية الإنسانية.

ابتُدِئ بكتابته في بدايات كانون الأول 2009، وتم في 23/12/2009، وروجع في 27/12/2009

تنويه: حصل خطأ في ترقيم الحلقات السابقة، إذ رقمت كل حلقة بتسلسلها، وذلك من 18 حلقة، والصحيح من 17، ولذا فهذه الأخيرة من موضوع «موقف القرآن ممن لم يؤمن بالإسلام».