ذكرت مصادر عسكرية دولية ومحلية ان القوات الامريكية المتواجدة في العراق تعد لاجلاء مئات المتعاقدين من قواعد عسكرية امريكية في العراق .. وتاتي هذه الخطط بعد( تهديدات امنية محتملة) على حد قول احد العسكريين الامريكان
وقد سبق وان تعرضت قاعدتان عراقيتان تستضيفان قوات امريكية لهجوم صاروخي من ميليشيات عراقية وصفت بانها موالية لايران . كما تم قصف شركة اكسون موبيل النفطية الامريكية بالقرب من مدينة البصرة ، وتسبب هذا القصف بجرح عدد من المواطنين العراقيين ممن يعملون في هذه الشركة . وبالمقابل فان بعض القادة الامريكان يهددون بضرب الاذرع الايرانية على ارض العراق وتجفيف منابع الدعم والتهديد من فصائل مسلحة لها علاقة مع ايران
ومن هذا المشهد يتضح بان الحرب ان قامت بين امريكا وايران فان الساحة العراقية ستكون حلبة الصراع الاشد بينهما . ويستوي في ذلك ان كانت هذه الحرب شاملة ام محدودة . ولذلك نرى المواطن العراقي مشدودا على اخبار محطات التلفزة ، ويتابع الكثير من التقارير حول مديات التوتر الحاصل بين الطرفين ، لمعرفته التامة بخطورة الوضع في منطقتنا الملتهبة
ومن جانب اخر هناك من ينحاز الى ايران ويستقتل في الدفاع عنها . والبعض الاخر يحبذ ضرب ايران لكسر شوكتها . وكلاهما مدفوعان من الشحن الطائفي وغسل الادمغة الذي ساد العراق في السنوات الاخيرة
اما الحكومة العراقية فانها كثيرا ماتتحدث عن النأي بالنفس وعدم الانحياز الى سياسة المحاور . حيث يقول رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ان لا مصلحة للعراق في الاصطفاف الى جانب دون اخر . وهناك من يقوم بمحاولات يائسة واجتماعات مكثفة مع ميليشيات مسلحة موالية لايران تحذرهم من القيام باي عمل عسكري قد يؤدي الى اعمال انتقامية من الجانب الامريكي ، ويأتي ذلك بعد قدوم وزير الخارجية الامريكي وتحذيره من ان هناك مخططات لضرب قواعد ومصالح امريكية في العراق
يحاول السيد عبد المهدي اقناع العالم بانه يقف على الحياد ، ويصرح دائما بعلاقته الجيدة مع الطرفين . ولكنه في الواقع غير قادر على النأي بالنفس ولا الوقوف على الحياد من الحرب المحتملة وهو عاجز تماما عن ضبط تحركات الميليشيات الموالية لايران . وحتى الحشد الشعبي الذي يفترض به ان يكون مرتبطا بالقائد العام للقوات المسلحة فاننا نرى فصائلها المسلحة تتبع رؤساء الاحزاب التابعة لها . وتبدو احيانا اقوى من سلطة رئيس الوزراء . ولكن السيد عبد المهدي يحاول الظهور بمظهر رجل الدولة المسيطر ، الا اننا نجده في كل مرة خاضعا لطلبات واهواء الكتل السياسية التي نصبته وخصوصا كتلة الفتح ذات الاذرع العسكرية المتعددة والموالية لايران
واذا عدنا الى الوراء قليلا نجد ان تداخل المصالح الايرانية في العراق بدأ منذ اجتياح العراق من قبل القوات الامريكية عام ٢٠٠٣ . . وقد نجحت ايران في تثبيت نفوذها في هذا البلد كعمق استراتيجي عسكري واقتصادي بعد ان اطلقت امريكا يدها في العراق اثر توقيع الاتفاق النووي ، وربما كان ذلك جائزة اوباما الظاهرية لايران مقابل توقيعها العقد ، فتم تسهيل تمددها في العراق والدول العربية ، خصوصا بعد طرحها شعار المقاومة والممانعة وهي التسمية الجديدة لتصدير الثورة الايرانية . يقابلها في نفس الوقت تشجيع الطموحات القديمة للاخوان المسلمين في تحقيق شعار الحاكمية لله والذي تبنته القاعدة وداعش بتمويل قطري وترحيب تركي . وهكذا تحققت الفوضى غير الخلاقة في كل من سوريا والعراق ودول عربية اخرى
يبدو ان المهمة قد انجزت وآن الاوان لعودة ايران الى داخل حدودها المعترف بها دوليا وقطع اذرعها المسلحة في المنطقة . ولكن ايران ترفض فقدان مكاسبها التي حصلت عليها في المنطقة العربية وخصوصا في العراق وسوريا على مدى سنوات طويلة لتحقيق طموحها القومي التوسعي بواجهة دينية . وحيث ان بقاء ايران في هذه المنطقة الحيوية وزيادة نفوذها وقوتها اصبح يتعارض مع المصالح الامريكية في المنطقة . فقد تم الغاء الاتفاق النووي بعد دخول ترامب الى البيت الابيض ، وكأن الذي جرى ماهو الا خدعة امريكية للايقاع بدول وشعوب المنطقة . . ولا احد يسأل عن مصير العراق وما آل اليه كدولة فاشلة بعد ان كان فاعلا في المنطقة والعالم وهو من اوائل الدول التي شاركت في تاسيس عصبة الامم والامم المتحدة وحقق دورا اقليميا متميزا وكان سباقا في التقدم والحضارة قياسا الى دول الخليج بل الدول العربية برمتها
ان عادل عبد المهدي لم ولن يكون محايدا وهو الذي افتقر الى العزم والحزم وظهر ذلك جليا من خلال سكوته طوال اشهر عديدة امام صراع الاخوة الاعداء حول المناصب الحكومية . وفشله في مكافحة الفساد . اضافة الى عجزه عن تقديم الخدمات الاساسية للمواطن العراقي على وفق برنامجه الوزاري الذي بقي حبرا على ورق . . وازاء ذلك نجد كتلا تتربص به لازاحته عن السلطة في عملية مكشوفة لاعادة حيدر العبادي الى رئاسة الوزراء . وهذا التوجه سوف يلقى رضا امريكي نتيجة محاباة عادل عبد المهدي للجانب الايراني وعدم الوفاء بالتزاماته في النأي بالنفس والوقوف على الحياد في الصراع الامريكي الايراني
ان الواجب الوطني العراقي يدعو الى السمو فوق المصالح الحزبية والفئوية ، وتبني مواقف عراقية مستقلة عن مركز القرار الامريكي او الايراني . والشعب العراقي المغلوب على امره لايرغب في نشوب الحرب بين امريكا وايران لان ذلك سيكون وبالا عليه وهو قد ذاق ويلات الحروب الخارجية والاهلية . ويقول كفى لكل انواع العنف او التدخل في الشؤون الداخلية من اي دولة اوجهة كانت
ونحن بالتاكيد لسنا ضد ايران ولا نرغب بالمشاركة في اي حرب مع امريكا ولا مع غيرها . وكل مانريده من ايران ان ترفع يدها عن مساندة الاحزاب الفاسدة الحاكمة في العراق . والتي اوصلت البلاد الى الخراب والفساد والدمار واصبحت مرضا سرطانيا في جسد العراق . فبقاء هذه الاحزاب مرهون بمساندة اصحاب القرار الايراني . وان وقف تدخلها سيسقط الطغمة الحاكمة عدوة الشعب لان الشعب كل الشعب ضد هذه الاحزاب الطفيلية الفاسدة وميليشياتها الخارجة عن القانون . وعندئذ فقط ستكون علاقات حسن الجوار والمصالح المتبادلة هي التي تنظم علاقاتنا مع ايران وكذلك مع دول الجوار بغض النظر عن انظمة الحكم فيها فالشعب العراقي قادر على حكم نفسه بنفسه دون وصاية احد