تمر دولة مصر بأزمة إقتصادية حادة، وفي ظروف الأزمات، تجتاز الحكومات عادةً كثيراً من الثوابت السياسية، وذلك ما حدى بالسيسي الى البحث عن مصدر تمويل، لتلافي إنهيار الاقتصاد المصري، وإن كان ذلك المصدر من قبل الأعداء، أو ممن تتعارض مصالهم مع السياسة المصرية! فكان ذهاب السيسي الى السعودية من ذلك الباب.
كذلك فإن الدول الممولة، لا تعطي الأموال هبة، بل تقايض المال بالسياسة، ودولة مثل مصر ذات 90 مليون نسمة، وتمتلك موقعاً إستراتيجياً، ليس من الحكمة بمكان أن تغض السعودية بصرها عنها، سيما مع حاجة مصر للتمويل، لكن بماذا تحتاج السعودية مصر؟! هل تريد إعادة هيمنتها على الدول السنية الإقليمية ولماذا؟!
ثمة دوافع كثيرة تجعل السعودية تمول دولة مصر، أهمها الاتفاق الأمريكي مع الجمهورية الإسلامية، بشأن البرنامج النووي الإيراني، والذي يعني أن إيران ستكون لاعباً قوياً في المنطقة، مما يدق ناقوس الخطر لدى السعودية، سيما مع وجود خلافات بين الجانب الأمريكي والملك سلمان، والتي بدت جلية في قيام الملك بإعفاء جميع الأمراء، الذين استقبلوا الوفد الأمريكي المعزي بوفاة الملك عبد الله.
السُنّة في العراق لا يمتلكون قيادات واضحة، بخلاف الشيعة فإن لديهم مؤسسات وقيادات بارزة، تدين لهم قواعدهم الشعبية بالولاء، كما أن خطر داعش على سنة العراق أكبر من خطرهم على الشيعة، فالشيعة كلما كبر حجم الخطر عليهم، قوي عضدهم، حتى الشيعة الحوثيين في اليمن، أصبحوا أكثر قوة، مما يشير ذلك الى خشية آل سعود وسواهم، من تغول المد الشيعي الإقليمي!
ذلك ما دعى السعودية وتركيا ومصر، الى تباحث الأمر بجدية، وهو ما يفسر اجتماع أردوكان والسيسي في السعودية، وما تلاه من تحويل 120 مليار دولار الى مصر، جمعت من بعض الدول العربية، وقيام مصر ببناء مدينة إدارية جديدة، وكذلك حديث السعودية عن مضيق باب المندب، وهي لا تمتلك ذلك، مشيرة الى حرب الوكالة من قبل المصريين، كما حدث مع جمال عبد الناصر، وذلك كله يكشف الدواعي الحقيقية وراء فتوى الأزهر!