يبدو ان الجدل الذي الذي يثار حول اتهامات مشعان الجبوري بفضيحة أخلاقية في بيروت، لن يكون الأخير في هذه المرحلة الأنتقالية، فهناك جهود منظمة للكشف عن ملفات فساد خطيرة للغاية، و اماطة اللثام عن ” خطايا بالجملة”، أرتكبها صناع قرار ، وينفذها تجار و سماسرة بطرق ملتوية في كل الأتجاهات، ما يضع أحلام المواطن في متاهات زمن اللامسؤولية، خاصة في محافظات تم التجديد فيها فترة ” الوالي ” أربع سنوات قادمة ، سيكون فيها من الفضائح ما يزكم الآنوف، حيث يجهز كل فريق مستلزمات الميدان قبل دخول المواجهة، حيث سيبدأون بوضع العصي في دوالي الأستقرار الأمني ، و حشد وسائل التصفية الشخصية بأموال حكومية وحزبية و قبلية أيضا.
و نريد في هذا المقال طمئنة المواطن و نصيحته بضرورة ايقاف عقارب ساعته، لأن الخدمات ذهبت مع صناديق الأقتراع، و أن المسؤولين الذين تم انتخابهم في مجالس المحافظات الأخيرة، لن يعودوا اليهم قبل نهاية الولاية، ثم أن أموال الموازنة قد حولت الى استثمارات وعقارات خارج الوطن، يديرها ” مهمشون” اجتماعيا كانوا قبل أشهر ينافسون مهمة نائب عريف الطاولة المسائية لكسب الود، قبل أن يتحولوا الى ” عناوين” في مهزلة رضا الحاكم عن تقديم كل الخدمات !!
ولكي لا يذهب الظن ببعضهم الى تصديق رواية النزاهة و السهر عى خدمة المواطن، فقد عرفنا من مصادر مطلعة أن مسؤولين في محافظات شمالية قد تقاسموا ” الغنيمة و أتفقوا على توزيع المناصب الأدارية لتمرير عمليات النهب الذي يخدش الحياء”، مشيرين الى أن بعضهم طلب دفع الفواتير مقدما فقال التجار سمعا و طاعة مولانا!، بعد أن أستغل “مسؤولو الصدفة ” طيبة شعب العراق و تعصبه الضيق كجسر للعبور مجددا الى المنصب، في مهمة كانت أقرب الى الحملة العسكرية، التي تم توظيف كل شيء فيها باستثناء النزاهة و مخافة الله، فيما يغدق التجار في عواصم اقليمية الهدايا لتمشية الأمور ضمن الممكن من السياقات!!
لقد أستغل ” السحت ” لشراء ممواقف و دفع استحقاقات المجاملة، بانتظار فرهود جديد يبدأ بصفقات التنفيذ المباشر للمشاريع ولا ينتهي باختيار المقربين للمناصب ” الحساسة جدا”، فقد تم
شراء كل شيء في هذه المحافظات ، و تم توزيع رأس المال على عدد محدود جدا من الأشخاص، يتنافسون فيما بينهم على كل شيء، لكنهم يتفقون في مهمة ” الصمت أمام الوالي الجديد”، ينفذون بلا ارادة ما يطلب منهم في كل مكان، يدفعون هنا لمجاملة شخصية وهناك لدعاية انتخابية مفتوحة في آواصرها الأجتماعية، و في مكان ثالث يمررون ملايين لتحسين سمعة و تبييض وجه، كما يقولون في مجالسهم الخاصة، التي تدير بالنيابة موازنة المحافظات من كهرباء الى ماء الى مدارس و بترو دولارات.
يخطأ المواطن اذا توهم فرجا في السنوات المقبلة، لأن ” الجماعة ” وزعوا المهام و حددوا أوجه الصرف خارج العراق، وباشروا خطط البيع و الشراء بنسب مختلفة، يكثرون هذه الأيام من الأجتماعات و اللقاءت الرمضانية الضيقة، قناعة منهم بوجوب الركض باسرع من عقارب الساعة، ، و كأن حالهم يقول ” أنه ربع الساعة الأخير من المباراة ويجب تحقيق أكثر الأهداف قبل صافرة الحكم “، بعبارة أوضح أن ” الجماعة ” تراهن على مرحلة لن يتم تجديدها وبالتالي يجب حشر الأمور ببعضها، للفوز بالأكثر من المليارات، التي حولت بعضهم الى قضية بعد أن كانوا قبل أشهرعلى قارعة طريق الضياع في عمان و دمشق وبيروت و أنقرة.
لا نعرف عن أي مستقبل يتحدث المواطنون وقد تحول التجار الى صناع قرار يتحكمون بأوجه صرف موازنة المحافظة الفلانية وعقود شركات التنقيب عن النفط و مطاعم العمال في محافظة أخرى، و مقايضة رهائن هناك ، و كأن النهب قد أصبح سياسة متفق عليها بين مسؤولين و تجار،يعرفهم المواطن باسمائهم و يحفظ تاريخهم لكنه يخشى محاسبتهم اليوم، بسبب ما يتعكزون عليه من دعم رسمي غير محدود، كيف لا و هم ” حيتان البيع والشراء”.
هل من المعقول تجيير الميزانية الحكومية لبعض الأشخاص المقربين، وشمولهم بقوائم طويلة من الأعفاءات، وتفصيل المشاريع عى مقاساتهم مقابل ” الدفع بصمت في أي وقت” ، يتصرفون بالأموال الحكومية و كأنها ميراث عائلي، وهم على حق فقد “دفعوا ليقبضوا بلا رتوش”، لذلك يقدمون أنفسهم كخبراء في المال و الاستثمار وحتى طبيعة العلاقات الدولية، ما أفقدهم التوازن النفسي و فتح أمامهم كل ابواب ” الأنصهار” بكل الأختصاصات، كيف لا و يتحكمون بمليارات لا ترى النور في العراق، لكنها تضيء فضاءات واسعة في عواصم الجوار، مقابل شعب يزحف على بطنه من أجل البقاء، و مع ذلك يتحفنا ” كبيرهم”، أن الأمور ستشهد تغييرات مهمة، وأن عجلة الحياة ستدور خلال أيام!! ويبدو أنه يتحدث عن نهب الباقي حيث لا يتم التفريق بين الرمل و الأسمنت و لابين الحصى و الكبريت أو الأحجار الكريمة، فالنهب ينسف ما قبله، و توزيع الغنيمة من حصة ” الأوفياء بصمت و خوف”، أنها كارثة اللاوعي في العراق، حيث تحول أشخاص الى تجار بالتوقيت الخطأ، و يتسيدون المشهد بمليارات من الدولارات جعلت منهم الواجهة الحقيقية لصناعة القرار… ففي أي زمن أغبر يعيش العراقيون!!
و للحديث بقية قريبا … وهناك أكثر من قضية في جريدة ” الفرات اليوم”.
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]