17 نوفمبر، 2024 12:51 م
Search
Close this search box.

موسم الباقلاء

موسم الباقلاء

حين كنت اساعد امي بأعداد وجبة الغداء، ولأكون اكثر دقة؛ عندما كنت اقشر الباقلاء وهي في أول موسم حصادها، وكم تبدو ناضجة وذو خضرة جميلة، توارد في ذهني موضوع مشابه وربما يكون في ذات السياق، وأن ابتعد ظاهريا .
ان الحياة تتلخص بهجتها في نظارة الشباب ونبضه، وماعداه خيالات واشباح.
ان التغيير والارتقاء والتطور، هو سر البقاء حتى الطبيعة تعول على موسم الربيع، في التجدد وتغيير لونها من الخريفي الباهت الى الربيعي المفهم بالالوان، انها جذوة الفتوة، هكذا هي صيرورة الحياة ولادة ونمو فربيع اخضر، وصولآ للخريف الاشيب، ولا يختلف اثنان ان الحلقة الاقوى في سلسلة دورة الحياة هو الربيع اي “الشباب” فهم مصدر القوة وصورة التغيير الطبيعي.

ما نلاحظه بعد مرور١٤ سنة من انبات العملية السياسية، بروز براعم جديدة من بين الاشجار العملاقة، التي اخذت بالهرم والذبول شيئا فشيئا، وظهور كيانات جديدة أثر التصدعات والانشقاقات في الاحزاب الكبيرة، والتي كانت مهيمنة في الفترة السابقة على المشهد السياسي العام .

فمن المتوقع ان ماستفرزه انتخابات ٢٠١٨ من كيانات ووجوه متصدية للواقع السياسي الجديد، ستكون مفاجأة الى حد كبير، لأعتبارات كثيرة اهمها، ان الوعي الثقافي والسياسي للمجتمع العراقي المشارك بالعملية الانتخابية في طريقه للكفر بالاصنام السياسية التي تمترست وغرست خراطيمها منذ ٢٠٠٣، بعد ان اثبتت فشلها وتكرار اخفاقاتها على مستوى السلطتين التشريعية والتنفيذية، مما خلق حالة من السخط والحقد على الطبقة السياسية الحالية، وشعور عميق باللامساواة يذكر روسو في كتابه “العقد الاجتماعي” ان الشعور باللامساوة ينقسم الى نوعين ؛ الاول وهو طبيعي وهو ناتج عن التفاوت بين قدرات البشر وقابلياتهم، وهو خارج ارادتهم اما النوع الثاني فهو اخلاقي او سياسي وهو يعول على الاختيار البشري، اذ يلاحظ روسو انه ما من رابط جوهري بين هذين النوعين من اللامساوة، وذلك لان مزاعم الهيمنة التي يطرحها القلة التي تحكم الاغلبية، لا يمكن ان تكون ذات تأثير مالم يتم الاقرار بصحتها؛ وهذا الاقرار لا يكون هبة من الطبيعة للحكام وانما يمنحه الناس لهم.

الحقيقة ان الشعور والحالة الطاغية من عدم الرضا، وسلب الحقوق المشروعة التي تخيم على واقع الحياة الاجتماعية العراقية، انما هو نتيجة سوء الاختيار من جانب، والاصرار على المحاباة السياسية السيئة دورة بعد اخرى، اوصل الامور الى ما هي عليه الان.
لكن ما النفع من تشخيص الخلل ومواضع الفشل بدون الاشارة الى الحلول وايجاد مخارج طوارئ للمرحلة الراهنة، اذ يجب علينا ترك التشكي جانبا، والشروع بشكل جدي بأيجاد البدائل للوجوة السياسية الخريفية، وفسح المجال ومنح الفرص للوجوه الربيعية المحملة بالتفاءل والعطاء، واشعار الشباب بأهمية دورهم المرحلي للنهوض بواقع البلد وبنائه من جديد.

أحدث المقالات