يبدو ان ساسة السلطة في بلادنا يفكرون بالعقلية ذاتها، التي جثمت على صدور “عبَّاد الله” منذ بداية صناعة “الديكتاتورية” وحتى يومنا هذا، وماحصل بعد 2003، لم ينجح بتغيير تلك العقلية على العكس وزعها بالتساوي على الكثير من المشاركين بالعملية السياسية، حتى اذا اقتربت الانتخابات ظهرت للسطح وأصبحت “مانشيتات” تلون صفحات مواقع التواصل الاجتماعي.
نعم تلك العقلية لم تتغير ومازالت تعتقد ان المواطن العراقي نموذج مناسب “لتقبل حماقاتهم” حتى لو كانت تخالف “العقل والمنطق” ومنها ماحدثنا به زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، حين ما خرج علينا شاكيا “عسر الحال وقلة المال” ليعلن بانه “لا يملك اي رصيد مالي او مشروع اقتصادي سوى منزل في محافظة النجف، كما انه مدين بمبلغ من المال استدانه لسد بعض النفقات”، لكن السيد الحكيم لم يخبرنا عن حجم الأموال التي “تبذخ” لاحياء المناسبات في قصر الجادرية او المبالغ التي توزع خلال التجمعات الانتخابية، وعن تكلفة مجمع “شهيد المِحْراب” الذي يشغل مساحة 60 الف متر مربع في مركز مدينة النجف،، وكلفة تحويل منزل عضو قيادة حزب البعث محمد حمزة الزبيدي الى مقر “لمركز الحكمة”، الرجل معذور فهو ليس موظفا ليستطيع سداد ديونه، ويبرر كيفية الحصول على تلك الأموال.
رواية زعيم تيار الحكمة اعادت الى ذاكرتي مقالة نشرها النجل الاكبر لرئيس النظام السابق “عدي” بعد احتلال الكويت بعنوان (الوجه الاخر لصدام حسين)، عثرت عليها صدفة اثناء البحث في الصحف والمجلات التي ورثتها عن عائلتي، المقال يصف حالة “المديونية” والمعاناة المالية لاسرته، والتي جاء في نصها،،” وفي عام ١٩٨٩ وجد أخي قصي نفسه في ضائقة مالية نتيجة ما ترتب عليه من نفقات الزواج والأولاد وبقاء بيته مبنيا على النصف، فلجأ الى والدتي كي تساعده وأخبرت أبي بذلك، فأوعز ببيع ما تبقى من الأغنام التي باع قسما منها لبناء قبر والدته، ومنُح المبلغ لقصي”.
وزاد النجل الاكبر لصدام بمقالته،، “كان والدي صدام يسأل مراسله عن عدد الأيام المتبقية لتسلم راتبه المقرر له كرئيس للجمهورية لأنه تضيق عليه الخناق، وكان طيلة فترة الحرب لا يملك أكثر من ثلاث بدلات عسكرية اثنتان منها للتناوب وواحدة لإرسالها للغسيل والمكوى، وقد أصبحت هذه البدلات قصيرة نتيجة الغسل”، مقالة “عدي” اثارت في حينها استهجان وضحك الكثير من العراقيين واصبحت “نكتة” يتداولها المواطنون في مجالسهم لكن بصمت، خوفا من جلادي النظام،، في حين اصبحت “اكاذيب” سياسيي ما بعد التغيير قصصا “فكاهية” لما تحمله من سيناريوهات “عجيبة” لا يصدقها حتى المصابون بمتلازمة “داون” ليس الذين تحدث عنهم السياسي مشعان الجبوري في لقائه الاخير، وكانوا قبلها “زعماء” المرحلة المقبلة على لسان الجبوري نفسه، انما اصحاب المرض الحقيقيون الذين شملتهم “الخيبة التي نعاني منها”.
الخلاصة.. سياسة “الكذب” والاحتيال على عقول المواطنين لن تتوقف وستستمر، حتى نختار الاصلح وليس “تغيير الوجوه” فقط، دعونا نبحث عن امثال “عمر الراوي” الذي وقف مدافعا عن بغداد حينما حاول زميل له في برلمان فيينا، الاستهزاء بتاريخها وتضحياتها من خلال وصفها بالمدينة “الاسوأ”.
نحن بحاجة لرجال دولة وليس “ازلام سلطة”، لقادة يحترمون معارضيهم ولن يتسامحوا مع “المتأمرين” على الدولة، ويفتحوا الباب على مصراعيه امام تجوالهم في بغداد وترشيحهم للانتخابات بعد ان كانوا “ابواقا” تهتف ضد القوات الامنية وخنجرا مسموما غرسه (داعش) في خاصرة الوطن،، اخيرا.. السؤال الذي يحتاج لاجابة واضحة، متى يحترم ساستنا عقول المواطنين ويغادروا “استجداء” الاصوات بطريقة “الاستغباء”؟..