15 نوفمبر، 2024 1:21 م
Search
Close this search box.

موسم الإقالات ..

شهدت الأسابيع الماضية في العراق موجة من الأقالات التي طالت وزيرين لحد الآن هما وزير الدفاع خالد العبيدي ، و وزير المالية هوشيار وزيباري ، كما شهدت استقالة وزير الداخلية الغبان ، ويبدو أن هذا هو موسم تصفية الحسابات بين الخصوم السياسيين داخل قبة البرلمان لأن موضوع المحاسبة بعيد كل البعد عن المضمون الرئيسي وهو كشف الفاسدين ومحاسبتهم .
الحكومة الان تتبع أسلوباً واحداً لمكافحة وقائع الفساد على الرغم من تعدد الأساليب والوسائل المتاحة ، فدائماً ماتتجه إلى إقالة الوزير المتهم بالفساد وهو على رأس المنظومة الوزارية وترك أذرع الفساد داخل المنظومة دون محاسبه .
ففي كل جلسات البرلمان الخاصة بمناقشة الفساد في الوزارات توحد أسلوب مكافختها _ إن صح التعبير _ ليقتصر على إقالة الوزير لتهدئة الشارع والرأي العام مع أستمرار المتورطين داخل الوزارة نفسها أو إقالة الوزير وتركه دون محاسبة وهذا إذا دققنا النظر هو ( مخرج الطوارىء ) للوزير الفاسد لأنه سيكون طريق خلاصه وبطريقة شرعية ، وهو مايؤكد فشل هذا الأسلوب وضرورة إستبداله بخطة شاملة لمحاربة الفساد المستشري بكافة مفاصل الدولة .
إن خطط محاربة الفساد التي يجب أن تتبع تشمل أشياء عديدة ومهمة في مقدمتها تغيير القوانين الخاصة بأجهزة الرقابة ودورها وإعطاؤها الحرية الكافية لمحاربته ولكشف القائمين عليه لأن القوانين القائمة الآن تُعطي سلطة إتخاذ القرار للوزراء على الرغم من كونهم مستترين على قضايا الفساد داخل الوزارة ، وأن تشمل أيضاً تسهيل حصول الصحافيين على المعلومات اللازمة التي تساهم بدورها في كشف الفساد وعرضه على الرأي العام وعدم فرض حصار على الصحافة وتقييد حريتها .
يجب على الحكومة المركزية أن تطهر نفسها من الفساد اولاً قبل محاسبتها المقصرين والمتهمين به ، لهذا نرى ان كل وزير يتم التصويت على إقالته يهدد بعد يوم واحد من الإقالة بكشف ملفات فساد موجهة ضد جهة معينه وهذا مالاحظناه جلياً بجلسة استجواب العبيدي وزير الدفاع ، لهذا اقول يجب تطهر ساحتها لتصبح نظام يكافح الفساد بدل من اتاحته ، لأن الاقالات والأستقالات بهذه الطريقة ستفتح الباب على مصراعيه للسرقات ونهب المال العام .
إن الشىء المهم الذي يجب أن يتوفر في أي حكومة تدعي محاربة الفساد هو الشفافية والمصارحة في تعاملها مع ملفات الفساد وكشفها للرأي العام وهذا ما نفتقده حالياً وهو ماتم الأتفاق عليه في استراتيجية الدولة لمكافحة الفساد ، كما إن هذه الملفات قد تكون سلاحاً ذو حدين إذ قد تكون جهات معينة هي من يدير المشهد الهزلي للإقالات المتلاحقة ، كما إن إقالة العبيدي وزيباري يعدها البعض ضربة للعبادي لأنه قبل إستقالة وزير الداخلية الغبان من منصبه بعد تفجير الكرادة ، مع هذا تبقى عملية التصويت والاقالة ماهي الإ مسرحية تتبدل فيها الأدوار كلاً بحسب موقعه .
من جانب آخر فإن إقالة الوزراء بهذه الطريقة قد تُعيد مجلس النواب الى المربع الأول بفقدانه دوره الفعال كسلطة تشريعية ورقابية حقيقية وليست شكلية مايفتح الباب على مشاكل جديدة نحن في غنى عنها خصواً ونحن على أعتاب معركة مصيرية هي معركة تحرير الموصل .
على السادة النواب أن يعلموا أن الشعب الذي أعطاهم التوكيل بصفتهم ممثليهم في الحكومة وبصفتهم جهة تشريعية عليهم ان يعلموا أن الشعب لا يحتاج الى حكومة مواءمات سياسية تغض الطرف عن جهات معينه وتحاسب جهات معينه بل يحتاج لحكومة قوية تضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه المساس بأمن الدولة أو مقدرات شعبها ، بعيداً عن التصفيات السياسية لان هذا يقودنا الى طريق مجهول نحن في غنى عنه خصوصاً في هذا الوقت الصعب .

أحدث المقالات

أحدث المقالات