جرّاء هيمنة وانفراد ماكنة الإعلام الغربية والامريكية على مجريات ساحة المعركة في اوكرانيا , مقابل الإعلام الروسي الرسمي لوحده , فهنالك تفاصيل وشؤون غائبة او مغيّبة < او كلاهما > عن الرأي العام العالمي , وهذا لم يعد يفاجئ \ كما حصل في حرب عام 1991 حيث كانَ وكادَ سلاح الإعلام ينافس صواريخ وقنابل الجيوش التي شاركت في قصف العراق , لا سيما في تأثيراته التضليلية المستمرة الى غاية الآن .!
الجانب العسكري : – على حافّة انتهاء الأسبوع الثالث من الحرب , فلم تجر معركة ٌ او مواجهةٌ نظامية فعليّة بين الجيشين الروسي والاوكراني < إلاّ فيما ندراو اقل من ذلك > اي فرقة عسكرية مقابل اخرى او لواء مقابل لواء من الجانب الآخر , الأوكرانيون اقاموا تحصيناتٍ مكثّفة للغاية من الجيش الاوكراني والمقاومة الجماهيرية , مستفيدين من طبوغرافيا الأرض والبنايات والبساتين وكل ما يتعلق بالمرتفعات والمخابئ وسواها , وبتركيزٍ على الأسلحة والصواريخ المضادة للدروع والمضادة للجو , بجانب ما افتعلوه من كمائن مُحكمة وناجحة لوحداتٍ من الجيش الروسي التي تجهل طبيعة الارض وتفاصيلها الدقيقة بالكامل , لكنها لم تستطع من ايجاد ايّ خرقٍ في صفوف القوات الروسية المهاجمة \ مقابل ذلك كانت الهجمات والمعارك التي نفّذها الجيش الروسي في مختلف المناطق الاوكرانية واحتل اجزاءا منها , فكانت تجري وفق السياقات العسكرية التقليدية للجيوش , ونجح الجيش الروسي في اجراء انزالاتٍ عسكرية في عدد من المناطق الاوكرانية ودونما مواجهة فعلية مع الخصم , وانسحبوا على اثرها الجنود الاوكرانييون .
الى ذلك , فكثيرا ما نسمع من المحللين الغربيين والامريكان عن تباطؤ الجيش الروسي في حركته وعجزه عن التقدم في العمق والمدن الاوكرانية , لكنّ واقع هذه الوقائع فانما يخالف كل هذه الادعاءات والمزاعم , فالقيادة الروسية حريصة الى اقصى حد على تحمّل الحد الأدنى من الخسائر البشرية في قواتها , وحريصة للغاية ايضا على عدم ابادة وازاحة وتدمير كلّ ما يتواجد على الارض امام قواتها وخصوصا في العاصمة كييف او المدن الاخرى , من بنى تحتية ومدنيين وعوائل لم تسمح ظروفهم بالمغادرة والنزوح , وإلاّ فبمقدور القوات الروسية واسلحتها المتطورة من مسح وازالة كلّ ما امامها , لكنّ الكرملين يتحسّب مسبقا لوضع اوكرانيا لما بعد المعركة ومتطلباتها .! , ونشير هنا ايضا الى انّ الصواريخ المضادة للطائرات والدبابات التي تأتي من بريطانيا ودول اخرى للأوكرانيين , فانها لا تأتي لوحدها بالصناديق والحاويات ! فبمعيتها ضباط ومدربين وفنيين اجانب لتدريب الوحدات الأوكرانية الدفاعية عليها , وهذا ما يتجنب ذكره الأعلام الغربي .
من احدى نوافذ الجانب السياسي المفتوحة ! \ : فالقيادة الاوكرانية منهمكة والى اقصى درجات الحماس , لإجراء مفاوضات ” مع الروس ” وعقد جولاتٍ من هذه المفاوضات , مهما تتأجّل وتتمدّد , وموسكو تشاركها ذلك ايضا لكنما بحياءٍ دبلوماسيٍ ما , ولعلّها مندفعة بما يوازي الاندفاع الاوكراني بحدودٍ فوقيةٍ ما !
وبالصددِ هذا , وسواءً تدركه القيادة الاوكرانية او لبعضه , فإنّ كلّ جولةٍ مفاوضاتٍ تتطلّب تصعيداً عسكرياً اشدّ عنفاً , وابرز مثالٍ لذلك هو المفاوضات الفيتنامية – الامريكية ” لإنهاء الحرب ” والتي استمرّت ستّة شهور في العاصمة الفرنسية , وَسطَ تصعيدٍ شبه مجنون من القصف الجوي الامريكي عبر قاذفات القنابل الامريكية B – 52 على الفيتناميين , لكنّ ذلك قد لا يتكرر بذات النسبة او نحوها من الكرملين , فالاوضاع مختلفة كليا , ويراد فيما يراد الى ضمّ اوكرانيا الى الحضن الروسي الدافئ على مدىً ابعدٍ ومجهول التوقيت في المدى المنظور.!