الرموز كانت بائنة إنْ لم تكن ساطعة .! , والكلمات اختيرت بعناية في رسالة التهنئة التي بعثها الرئيس بوتين الى الرئيس اليمني ” عبد ربه منصور هادي ” بمناسبة الذكرى 29 لعيد الوحدة اليمنية المصادفة في 22 أيار \ مايو الحالي . ولم يجرِ ارسال رسالة التهنئة هذه تقليدياً عبر الأثير , وانما سلّمها باليد سفير روسيا باليمن السيد ” فلاديمير ديدوشكين ” خلال لقائه بالرئيس اليمني في الرياض , حيث أشاد واثنى السفير ” ديدوشكين ” بحنكة وحكمة الرئيس اليمني في التعامل مع مختلف المواقف والظروف المتصلة بأوضاع اليمن وفي مختلف المراحل لما من شأنه تحقيق الأمن والأستقرار الذي يتطلّع اليه الشعب اليمني , ويتضح من خلال ذلك أنّ هذه الكلمات موجّهة دبلوماسياً وبشكلٍ غير مباشر بالضد من الحوثيين , وبالضد بشكلٍ ابعد للدعم الأيراني للحوثيين , فضلاً عن انها تمثل دعماً مباشراً لحكومة اليمن الشرعية .
والأمر دونما ريب لا يقتصر على الكلمات , فبالأنتقال الى الجبهة الأكثر سخونة سياسياً بما يوازي حرارة الوضع العسكري القائم في سوريا , فقد بلغ التنافس الأيراني – الروسي في الهيمنة على الأوضاع الأمنية والعسكرية وحتى الأقتصادية حداً بالغ الحدّة , فبجانب اشتباكاتٍ مسلحة اكثر من محدودة بين وحدات من الجيش الروسي , ووحدات اخرى وميليشيات تابعة للأيرانيين , وتكررت لأكثر من مرّة , فقد بلغ الوضع المتأزم بين القيادة العسكرية الروسية واتباع ايران في الجيش السوري , أن فرضت القيادة الروسية على القصر الجمهوري في دمشق بأقالة عدد او بعض من كبار ضباط الجيش السوري الذين يشغلون مواقع عسكرية هامة لأرتباطاتهم وعلاقاتهم المتميزة مع الأيرانيين بما يتقاطع مع الستراتيجية العسكرية الروسية المعتمدة في ادارة الوضع العسكري والعملياتي للقوات السورية , وكان من ابرز هؤلاء إقالة العميد غسان بلال مدير مكتب ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار ووضعه تحت الأقامة الجبرية , بعد أن كان مقررا ايداعه في السجن , وذلك بعد توسط حزب الله ومراكز القوى الأيرانية , كذلك تجميد صلاحيات شقيق مدير المكتب ” العقيد محمد بلال ” التابع لفرع المخابرات الجوية في مطار المزّة , ويشار أنّ ماهرالأسد هو الشخصية القيادية الأقرب الى الأيرانيين وتوجهاتهم في سوريا .
التنافس الروسي – الأيراني يمتد وينتشر ايضاً الى قطاعاتٍ اقتصادية وتجارية والى مشاريعٍ ستراتيجية لما بعد انتهاء الحرب في سوريا , حيث يعمل الأيرانيون وبأندفاع على تولّي اعادة بناء قطاع الأتصالات الذي يدرّ ارباحاً هائلة , بالأضافة لما يوفره من امكانات التنصت على المكالمات الهاتفية , وإذ نشير الى هذه النقاط بأيجازٍ مكثف , فينبغي الأشارة أنّ الأزمة القائمة في الخليج بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب , وبين طهران , فلابدّ أن تلقي بظلالٍ متّسعة على العلاقة والأوضاع بين الروس والأيرانيين في سوريا , وخصوصاً أنّ الأزمة في الخليج ما برحت في بداياتها وقد تغدو مرشحةً لتطورات ومضاعفات محتملة , لكنها ستكون في صالح موسكو في كلّ الحالات سلباً او ايجاباً .