23 ديسمبر، 2024 2:30 م

موت الجلبي بين الشماته والحزن

موت الجلبي بين الشماته والحزن

رحل الجلبي، أحد عمالقة السياسة العراقية، رحل إلى بارئه بصمت، ودون ضجيج، رحل في مرحلة حرجة تعصف بالبلاد، امنيا وسياسيا وإقتصاديا.

يمثل أحمد عبد الهادي الجلبي، امتدادا لعائلة لها عمق سياسي، وإداري، كما لها عمقا اقتصادي لا يستهان به، فكان جده عبد الحسين الجلبي، وزيرا وعضوا في مجلس الاعيان، أبان الحكم الملكي، كما ان أباه كان كذلك، وزيرا في حكومة نوري سعيد، وعضوا في مجلس الأعيان، وكان السيد عبد الهادي الجلبي، الموفد الدائم من قبل الحكومة، للقاء مراجع الدين في النجف.

الجلبي يعتبر نفسه ليبراليا، لكته لا يخفي تشيعه، وحرصه على أبناء مكونه، لما كان يعلمه من الظلم، الذي لحق بهذا المكون من جراء الحكومات المتعاقبة.

شكل الفقيد احمد الجلبي محورا مهما، من محاور المعارضة العراقية، وكان دؤوب الحركة، في بيان مظلومية الشعب العراقي، وعمل على الصعيدين السياسي والميداني، فها هو يجوب عواصم العالم، شارحا القضية العراقية، وبنفس الوقت كان له حضور ميدانيا في كردستان، من خلال مقرات حزبه المؤتمر الوطني بعد عام 1991.

للجلبي الفضل في اقناع الحكومة الامريكية، لاسقاط نظام الدكتاتور البعثي، وكانت نتيجة حركته الاقناعية تلك هي تغيير نظام البعث عام 2003.

إنخرط الجلبي في تشكيلات الحكومة بعد التغيير، وكان من أشد المعاديين للبعث، وقد تم تعينه رئيسا للهيئة العليا لإجتثاث البعث. تعرض الجلبي كحال بعض السياسيين الوطنيين، إلى حملات تسقيط ممنهجة، تديرها جهات إعلامية وإقليمية، للطعن في شخصية هذا الرجل العملاق.

العداء للجلبي واضح، وهو من خلال فضحه مؤامرات دول الإقليم، وكذلك حركته القوية في إجتثاث البعث، والإقتصاص من قتلة الشعب العراقي، الأمر الذي حدا بالدوائر الداعمة للبعث، والمعادية للتغيير في العراق، للعمل على تسقيط الرجل. أُثيرت مسألة مصرف البترا الإردني، متهمين الجلبي بسرقته، ولكن الحقيقة التي ظهرت، هي إن الجلبي هو صاحب الحق، وهو من تمت سرقته، لكن القضية اثيرت، لان الجلبي رفض فتح حسابات مصرفية للبعث، بغية استيراد السلاح في الحرب ضد ايران، الامر الذي جعل صدام، يحرك أصابعه للضغط على الأردن، حليفه بالحرب ضد إيران، لعمل مكيدة تطيح بالجلبي.

كذلك تم محاربة الجلبي داخليا، من قبل بعض السياسيين العراقيين النكرات، الذي عرفوا ان الجلبي عقلية، بامكانها أن تدير العراق بطريقة، لا تسمح لمافياتهم أن تربي كروشها، من خلال نهب المال العام.

الجلبي أخذ على عاتقه، كشف ملفات الفساد الكبيرة، فصار حجر عثرة أمام حيتان الفساد، وأصبح قذى في عيون السراق.

لقد رحل الجلبي، وإنطوت بذلك صفحة من تاريخ السياسة العراقية، الحافلة بالأحداث الجسام، رحل وترك خلفه مجتمع مختلف، بين شامت لرحيله وبين حزين لفقد هذا العملاق السياسي. والإقتصادي